تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٩٠
سورة الأعراف (129 131) (قالوا أوذينا) قال ابن عباس لما آمنت السحرة ابتع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل فقالوا يعني قوم موسى إنا أوذينا (من قبل أن تأتينا) بالرسالة بقتل الأبناء (ومن بعد ما جئتنا) بإعادة القتل علينا وقيل فالمراد منه أن فرعون كان يستسخرهم قبل مجيء موسى إلى نصف النهار فلما جاء موسى استسخرهم جميع النهار بلا أجر وذكر الكلبي أنهم كانوا يضربون له اللبن بطين فرعون فلما جاء موسى أجبرهم أن يضربوه بطين من عندهم (قال) موسى (عسى ربكم أن يهلك عدوكم) فرعون (ويستخلفكم في الأرض) أي يسكنكم أرض مصر من بعدهم (فينظر كيف تعملون) فحقق الله بإغراق فرعون استخلافهم في ديارهم وأموالهم فعبدوا العجل قوله تعالى (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) أي بالجدب والقحط تقول العرب مستهم السنة أي جدب السنة وشدة السنة وقيل أراد بالسنين القحط سنة بعد سنة (ونقص من الثمرات) والغلات بالآفات والعاهات وقال قتادة أما السنين فلأهل البوادي وأما نقص الثمرات فلأهل الأمصار (لعلهم يذكرون) أي يتعظون وذلك لأن الشدة ترفق القولب وترغبها فيما عند الله عز وجل (فإذا جاءتهم الحسنة) يعني الخصب والسعة والعافية (قالوا لنا هذه) أي نحن ألها ومستحقوها على العادة التي جرت لنا في سعة أرزاقنا ولم يروها تفضلا من الله عز وجل فيشكروا عليها (وإن تصبهم سيئة) جدب وبلاء ورأوا ما يكرهون (يطيروا) يتشاءموا (بموسى ومن معه) وقالوا ما أصابنا بلاء حتى رأيناهم فهذا من شؤم موسى وقومه وقال سعيد بن جبير ومحمد بن المنكدر وكان ملك فرعون أربعمائة سنة وعاش ستمائة وعشرين سنة لا يرى مكروها ولو كان له في تلك المدة جوع أو حمى ليلة أو وجع ساعة لما أدعى الربوبية قط قال الله تعالى (ألا إنما طائرهم عند الله) نصيبهم من الخصب والجدب والخير والشر كله من الله وقال ابن عباس طائرهم ما قضى عليهم وقدر لهم وفي رواية عنه شؤمهم عند الله ومن قبل الله أي إنما جاءهم الشؤم بكفرهم بالله وقيل معناه الشؤم العظيم هو الذي لهم عند الله من عذاب النار (ولكن أكثرهم لا يعلمون) أن الذي أصابهم من الله
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»