تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٧٤
المفسرين قاله ابن عباس وأبو موسى الأشعري وهو قول سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومجاهد وعبيدة ثم اختلف هؤلاء في حكم الآية فقال النخعي وجماعة هي منسوخة وكانت شهادة أهل الذمة مقبولة في الابتداء ثم نسخت وذهب قوم إلى أنها ثابته وقالوا إذا لم نجد مسلمين فنشهد كافرين قال شريح من كان بأرض غربة ولم يجد مسلما يشهده على وصيته فأشهد كافرين على أي دين كانا من دين أهل الكتاب أو عبدة الأوثان فشهادتهم جائزة ولا يجوز شهادة كافر على مسلم إلا على وصية في سفر وعن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا ولم يجد مسلما يشهده على وصيته فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة بتركته وأتيا الأشعري فأخبراه بتركته ووصيته فقال الأشعري هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأحلفهما وأمضى شهادتهما وقال آخرون قوله (ذوا عدل منكم) أي من حي الموصي أو آخرين من غير حيكم وعشيرتكم وهو قول الحسن والزهري وعكرمة وقالوا لا تجوز شهادة كافر في شيء من الأحكام (إن أنتم ضربتم) سرتم وسافرتم (في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت) فأوصيتم إليهما ودفعتم إليهما فاتهمتهما بعض الورثة وادعوا عليهما خيانة فالحكم فيه أن (تحبسونهما) أي تستوقفونها (من بعد الصلاة) أي بعد الصلاة و (من) صلة يريد بعد صلاة العصر هذا قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير وقتادة وعامة المفسرين لأن جميع أهل الأديان يعظمون ذلك الوقت ويجتنبون فيه الحلف الكاذب وقال الحسن أراد من بعد صلاة العصر وقال السدي من بعد صلاة أهل دينهما وملتهما لأنهما لا يباليان بصلاة العصر (فيقسمان) يحلفان (بالله إن ارتبتم) أي شككتم ووقعت لكم الريبة في قول الشاهدين وصدقهما أي في قول اللذين ليسا من أهل ملتكم فإن كانا مسلمين فلا يمين عليهما (لا نشتري به ثمنا) أي لا نحلف بالله كاذبين على عوض نأخذه أو مال نذهب به أو حق نجحده (ولو كان ذا قربى) ولو كان المشهود له ذا قرابه منا (ولا نكتم شهادة الله) أضاف الشهادة إلى الله لأنه أمر بإقامتها ونهى عن كتمانها وقرأ يعقوب (شهادة) بتنوين (الله) ممدود وجعل الاستفهام عوضا عن حرف القسم ويروى عن أبي يعقوب (شهادة) منونة (الله) بقطع الألف وكسر الهاء من غير استفهام على ابتداء اليمين أي والله (إنا إذا لمن الآثمين) أي إن كتمناها كنا من الآثمين فلما نزلت هذه الآية صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ودعا تميما وعديا فاستحلفهما عند المنبر بالله الذي لا إله إلا هو أنهما لم يختانا شيئا مما دفع إليهما فحلفا على ذلك وخلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيلهما ثم ظهر الإناء واختلفوا في كيفية ظهوره فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه وجد بمكة فقالوا إنا اشتريناه من تميم وعدي وقال الآخرون لما طالت المدة أظهروه فبلغ ذلك بني سهم فأتوهما في ذلك فقالا إنا كنا قد اشتريناه منه فقالوا لهما ألم تزعما ان صاحبنا لم يبع شيئا من متاعة قالا لم يكن عندنا بينة فكرهنا ان نقر لكم به فكتمناه لذلك فرفعهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله عز وجل
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»