سورة المائدة 117 118 هذه المقالة كما يقول القائل لآخر أفعلت كذا وكذا فيما يعلم أنه لم يفعله علاما واستعظاما لا استخبارا واستفهاما وأيضا أراد الله عز وجل ان يقر عيسى عليه السلام عن نفسه بالعبودية فيسمع قومه منه ويظهر كذبهم عليه أنه امرهم بذلك قال أبو روق وإذا سمع عيسى عليه السلام هذا الخطاب أرعدت مفاصله وانفجرت من أصل كل شعرة على جسده عين من دم ثم يقول مجيبا لله عز وجل (قال سبحانك) تنزيها وتعظيما لك (ما يكون لي ان أكون ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك) قال ابن عباس تعلم ما في غيبي ولا اعلم ما يكون منك في الآخرة وقال الزجاج النفس عبارة عن جملة الشيء وحقيقته يقول تعلم جميع ما اعلم من حقيقة أمري ولا اعلم حقيقة امرك (انك أنت علام الغيوب) ما كان وما يكون سورة المائدة 117 (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم) وحده ولا تشركوا به شيئا (وكنت عليهم شهيدا ما دمت) وقمت (فيهم فلما توفيتني) قبضتني ورفعتني إليك (كنت أنت الرقيب عليهم) والحفيظ عليهم تحفظ اعمالهم (وأنت على كل شيء شهيد) سورة المائدة 118 قوله تعالى (أن تعذبهم فإنهم عبادك وأن تغفر لهم فأنك أنت العزيز الحكيم) فإن قيل كيف طلب المغفرة لهم وهم كفار وكيف قال وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم وهذا لا يليق بسؤال المغفرة قيل اما الأول فمعناه ان تعذبهم بإقامتهم على كفرهم وان تغفر من كفر منهم وان تغفر لهم فإنك على تسليم الامر وتفويضه إلى مراده واما الؤال الثاني فكان ابن مسعود رضي الله عنه يقرا وان تغفر لهم فإنك أنت الغفور لهم فإنك أنت الغفور الرحيم وكذلك هو في مصحفه واما على القراءة المعروفة قيل فيه تقديم وتأخير تقديره ان تغفر لهم فإنهم عبادك وان تعذبهم فإنك أنت الحكيم وقيل معناه ان تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز في الملك الحكيم في القضاء لا من عزك شيء ولا يخرج من حكمك ويدخل في حكمته ومغفرته وسعة رحمته ومغفرته للكفار ولكنه أخبر انه لا
(٨١)