تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٠
سورة يوسف (75 76) قالوا يعني اخوة يوسف جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه أي فالسارق جزاؤه أن يسلم السارق بسرقته إلى المسروق منه فيسترقه سنة وكان ذلك سنة آل يعقوب في حكم السارق وكان حكم ملك مصر أن يضرب ا لسارق ويغرم ضعفي قيمة المسروق فأراد يوسف أن يحبس أخاه عنده فرد الحكم إليهم ليتمكن من حبسه وعنده على حكمهم كذلك نجزي الظالمين الفاعلين ما ليس لهم فعله من سرقة مال الغير فقال الرسول عند ذلك لا بد من تفتيش أمتعتكم فأخذ في تفتيشها وروي أنه ردهم إلى يوسف فأمر بتفتيش أعيتهم بين يديه قببدأ بأوعيتهم لإزالة التهمة قبل وعاء أخيه فكان يفتش أوعيتهم واحدا واحدا قال قتادة ذكر لنا أ كان لا يفتح متاعا ولا ينظر في وعاء إلى استغفر الله تأثما مما قذفهم به حتى إذا لم يبق إلا رجل بنيامين قال ما أظن هذا أخذه فقال إخوته والله لا نترك حتى تنظر في رحله فإنه أطيب لنفسك ولأنفسنا فلما فتحوا متاعه استخرجوه منه فذلك قوله تعالى ثم استخرجها من وعاء أخيه وإنما أنث الكناية في قوله استخرجها والصواع مذكر بدليل قوله ولمن جاء به حمل بعير لأنه رد الكناية ههنا إلى السقاية وقيل الصواع يذكر ويؤنث فلما أخرج الصواع من رحل بن يامين نكس إخوته رؤوسهم من الحياة وأقبلوا على ينيامين وقالوا ما الذي صنعت فضحتنا وسودت وجوهنا يا بني راحيل ما يزال لنا منكم البلاء متى أخذت هذا الصواع فقال بنيامين بل بنو راحيل لا يزال لهم منكم بلاء ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البرية والله قد وضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع البضاعة في رحالكم فأخذوا ينيامين رقيقا وقيل إن ذلك الرحل أخذ برقبته ورده إلى يوسف كما يرد السراق كذلك كدنا ليوسف والكيد ههنا جزاء الكيد يعني كما فعلوا في الابتداء بيوسف من الكيد فعلنا بهم وقد قال يعقوب عليه السلام ليوسف فيكيدوا لك كيدا فكدنا ليوسف في أمرهم والكيد من الخلق ا لحيلة ومن الله ا لتدبير بالحق وقيل كذبا ألهمنا وقيل دبرنا وقيل أردنا ومعناه صنعنا ليوسف حتى ضم أخاه إلى نفسه وحال بينه وبين اخوته ما كان ليأخذ أخاه فيضمه إلى نفسه في دين الملك أي في حكمه قال قتادة وقال ابن عباس في سلطانه إلا أن يشاء الله يعني إن يوسف لم يكن يتمكن من حبس أخيه في حكم الملك لولا ما كدنا له بلطفنا حتى وجد السبيل إلى ذلك وهو ما أجري على ألسنة الاخوة أن جزاء السارق الاسترقاق فحصل مراد يوسف بمشيئة الله تعالى نرفع درجات من نشاء بالعلم كما رفعنا درجة يوسف على اخوته وقرأ يعقوب يرفع
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»