تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٥
إليه أتشكوني فوعزتي وجلالي لا أكشف ما بك حتى تدعوني فعند ذلك قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله فأوحى الله إليه وعزتي وجلالي لو كانا ميتين لأخرجتهما لك وإنما وجدت عليكم لأنكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه منها شيء وإن أحب خلقي إلي الأنبياء ثم المساكين فاصنع طعاما وادع المساكين فصنع طعاما ثم قال من كان صائما فليفطر الليلة عن آل يعقوب وروي أنه كان بعد ذلك إذا تغدى أمر من ينادي من أراد الغداء فليأت يعقوب وإذا أفطر أمر من ينادي من أراد أن يفطر فليأت يعقوب فكان يتغدى ويتعشى مع المساكين وعن وهب بن منبه قال لما أوحى الله تعالى إلى يعقوب أتدري لم عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة قال لا لأنك قد شويت عناقا وقترت على جارك وأكلت ولم تطعمه وروي أن سبب ابتلاء يعقوب أنه ذبح عجلا بين يدي أمه وهي تخور وقال وهب والسدي وغيرهما أتى جبريل إلى يوسف في السجن فقال هل تعرفني أيها الصديق قال أرى صورة طاهرة وريحا طيبة قال إني رسول رب العالمين وأنا الروح الأمين قال فما أدخلك مدخل المذنبين وأنت أطيب الطيبين ورأس المقربين وأمين رب العالمين قال ألم تعلم يا يوسف أن ال تعالى يطهر البيوت بطهر النبيين وأن الأرض التي يدخلونها هي أطهر الأراضين وأن ال تعالى قد طهر بك السجن وما حوله يا طاهر الطاهرين وابن الصالحين المخلصين قال كيف لي باسم الصديقين وتعدني من المخلصين الطاهرين وقد أدخلت مدخل المذنبين وسميت باسم الفاسقين قال جبريل لأنه لم يفتن قلبك ولم تطع سيدتك في معصية ربك لذلك سماك الله في الصديقين وعدك من المخلصين وألحقك بآبائك الصالحين قال يوسف هل لك علم بيعقوب أيها الروح الأمين قال نعم وهبه الله الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم قال فكم قدر حزنه قال حزن سبعين ثكلى قال فما زاد له من الأجر يا جبريل قال أجر مائة شهيد قال أفتراني لاقيه قال نعم فطابت نفسه وقال ما أبالي بما لقيت إن رأيته قوله تعالى (وأعلم من الله ما لا تعلمون) يعني أعلم من حياة يوسف ما لا تعلمون روي أن ملك الموت زار يعقوب فقال له أيها الملك الطيب ريحه الحسن صورته هل قبضت روح ولدي في الأرواح قال لا فسكن يعقوب وطمع في رؤيته وقال وأعلم أن رؤيا يوسف صادقة وإني وأنتم سنسجد له وقال السدي لما أخبره ولده بسيرة الملك أحست نفس يعقوب وطمع وقال لعله يوسف فقال يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف أخيه وروي عن عبد ال ابن زيد بن أبي فروة أن يعقوب عليه السلام كتب كتابا إلى يوسف عليه السلام حين حبس بنيامين من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله إلى ملك مصر أما بعد فإنا أهل بيت وكل بنا البلاء أما جدي إبراهيم فشدت يداه ورجلاه وألقي في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأما أبي فشدت يده ورجلاه ووضع السكين على قفاه ففداه الله وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية ثم أتوني بقميصه ملطخا بالدم فقالوا قد أكله الذئب فذهبت عيناي من البكاء عليه ثم كان لي ابن وكان أخاه من أمه وكنت أتسلى به وإنك حبسته وزعمت أنه سرق وإنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا فإن رددته إلي وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك فلما قرأ يوسف
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»