تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٤
سورة يوسف (84 86) بمصر إنهم هو العليم بحزني ووجدي على فقدهم الحكيم في تدبير خلقه قوله تعالى وتولى عنهم وذلك أ يعقوب عليه السلام لما بلغه خبر بنيامين تناهى حزنه وبلغ جهده وهيج حزنه على يوسف فأعرض عنهم وقال يا أسفا يا حزنا على يوسف والأسف أشد الحزن وابيضت عيناه من الحزن يعني عمي بصره قال مقاتل لم يبصر بهما ست سنين فهو كظيم أي مكظوم مملوء من الحزن عليه لا يبثه وقال قتادة تردد حزنه في جوفه ولم يقل إلا خيرا قال الحسن كان بين خروج يوسف من حجر أبيه إلى يوم التقى معه ثمانون عاما لا تجف عينا يعقوب وما على وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب قالوا يعني أولاد يعقوب تالله تفتؤ تذكر يوسف أي لا تزال تذكر يوسف لا تفتر من حبه يقال ما فتى يفعل كذا أي ما زال يفعل ولا محذوفة من قوله تفتؤ يقال ما فتئ يفعل كذا أي ما زال كقول امرئ القيس فقلت يمين الله أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي أي لا أبرح حتى تك حرضا قال ابن عباس دفنا وقال مجاهد الحرض ما دون الموت يعني قريبا من الموت وقال ابن إسحاق فاسدا لا عقل لك والحرض الذي فسد جسمه وعقله وقيل ذائبا من العهم ومعنى الآية حتى تكون دنف الجسم مخبول العقل وأصل الحرض الفساد في الجسم والعقل من الحزن والهرم أ العشق أ الهم يقال رجل حرض وامرأة حرض ورجلان وامرأتان حرض ورجال ونساء كذلك يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث لأنه مصدر وضع موضع الاسم أ تكون من الهالكين أي من المتين قال يغقوب عليه السلام عند ذلك لما رأى غلظتهم إنما أشكو بثي وحزني إلى الله والبث أشد الحزن سمي بذلك لأن صاحبه لا يصبر عليه حتى يثبته أي يظهره قال الحسن بثي أي حاجتي وروي أنه دخل على يعقوب جار له وقال يا يغقوب ما الذي غير حالك مالي أراك قد تهشمت وفنيت ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك قال هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من هم يوسف فأوحى الله إليه يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي فقال يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي فقال قد غفرتها لك فكان بعد ذلك إذا سئل قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وروي أنه قيل له يا يعقوب ما الذي أذهب بصرك وقوس ظهرك فقال أذهب بصري بكائي على يوسف وقوس ظهري على أخيه فأوحى الله
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»