تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٤
سورة يوسف (58) يبتاعون من يوسف الطعام فباعهم في أول سنة بالنقود حتى لم بيق بمصر دينار ولا درهم إلا قبضه وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق في أيدي الناس منها شئ وباعهم في السنة الثالثة بالمواشي والدواب حتى احتوى عليها أجمع وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتى لم يبق في يد أحد عبد ولا أمة وباعهم في السنة الخامسة بالضياع والعقار والدور حتى احتوى عليها وباعهم في السنة السادسة بأولادهم حتى استرقهم وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى استرقهم ولم بيق بمصر حر ولا حرة إلا صار عبدا له فقال الناس ما رأينا يوما كاليوم ملكا أجل ولا أعظم من هذا ثم قال يوسف للملك كيف رأيت صنع ربي فيما خولني فما ترى في ذلك فقال له الملك الرأي رأيك والأمر إليك ونحن لك تبع قال فإني أشهد الله وأشهدك أني قد أعتقت أهل مصر عن آخرهم ورددت عليهم أملاكهم وروي أن يوسف كان لا يشبع من طعام في تلك الأيام فقيل له أتجوع وبيدك خزائن الأرض فقال أخاف إن شبعت أن أنسى الجائع وأمر يوسف عليه السلام طباخي الملك أن يجعلوا غداءه نصف النهار وأراد بذلك بأن يذوق الملك طعم الجوع فلا ينسى الجائعين فمن ثم جعل الملوك غذاءهم نصف النهار قال وقصد الناس مصر من كل النواحي يمتارون الطعام فجعل يوسف لا يمكن أحدا منهم وإن كان عضيما أكثر من حمل بعير تقسيطا بين الناس وتزاحم الناس عليه فأصاب أرض كنعان وبلاد الشام ما أصاب الناس في سائر البلاد من القحط والشدة ونزل بالناس فأرسل بنيه إلى مصر للميرة وأمسك بنيامين أخا يوسف لأمه فذلك قوله تعالى وجاء اخوة يوسف وكانوا عشرة وكان منزلهم بالقرب من أرض فلسطين بغور الشام وكانوا أهل بادية وإبل وشاة فدعاهم يعقوب عليه السلام وقال يا بني بلغني أن بمصر ملكت صالحا يبيع الطعام فتجهزوا له فاذهبوا لتشتروا منه الطعام فأرسلهم فقدموا مصر فدخلوا عليه على يوسف فعرفهم يوسف عليه السلام قال ابن عباس ومجاهد وعرفهم بأول ما نظر إليهم وقال الحسن لم يعرفهم حتى تعرفوا إليه وهم لم منكرون أي لم يعرفوه قال ابن عباس وكان بين أن قذفوه في البئر وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة فلذلك أنكروه وقال عطاء إنما لم يعرفوه لأنه كان على سرير الملك وعلى رأسه تاج الملك وقيل لأنه كان بزئ ملوك مصر عليه ثياب من حرير وفي عنقه طوق من ذهب فلما نظر إليهم يوسف وكلموه بالعبرانية قال لهم أخبروني من أنتم وما أمركم فإني أنكرت شأنكم قالوا نحن قوم من أهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال لعلكم جئتم تنظرون عورة بلادي لا والله ما نحن بجواسيس إنما نحن اخوة بنو أب واحد وهو شيخ صديق يقال له يعقوب نبي من أنبياء الله فقال وكم أنتم قالوا منا اثني عشر فذهب أخ لنا معنا إلى البرية فهلك فيها وكان أحبنا إلى أبينا قال فكم أنتم ههنا قالوا عشرة قال وأين الآخر قالوا عند
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»