سورة التوبة (102) منازلهم حول المدينة يقول من هؤلاء الأعراب منافقون (ومن أهل المدينة) أي ومن أهل المدينة من الأوس والخزرج قوم منافقون (مردوا على النفاق) أي مرنوا على النفاق يقال تمرد فلان على ربه أي عتا لجوا فيه وأبوا غيره وقال ابن زيد أقاموا عليه ولم يتوبوا) لا تعلمهم) أنت يا محمد (نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين) اختلفوا في هذين العذابين قال الكلبي والسدي قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة فقال أخرج يا فلان فإنك منافق أخرج ناسا من المسجد وفضحهم فهذا هو العذاب الأول والثاني عذاب القبر وقال مجاهد الأول القتل والسبي والثاني عذاب القبر وعنه رواية أخرى عذبوا بالجوع مرتين وقال قتادة الدبيلة في الدنيا وعذاب القبر وقال ابن زيد الأولى المصائب في الأموال والأولاد في الدنيا والأخرى عذاب الآخرة وعن ابن عباس الأولى إقامة الحدود عليهم والأخرى عذاب القبر وقال ابن إسحاق هو ما يدخل عليهم من غيظ الإسلام ودخولهم فيه من غير حسبة عذاب القبر وقيل أحدهما ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم والآخر عذاب القبر وقيل الأولى إحراق مسجد الضرار والأخرى إحراقهم بنار جهنم (ثم يردون إلى عذاب عظيم) أي عذاب جهنم يخلدون فيه 102 قوله تعالى (وآخرون) أي ومن أهل المدينة أو من الأعراب آخرون ولا يرجع هذا إلى المنافقين (اعترفوا) أقروا (بذنوبهم خلطوا عملا صالحا) وهو إقرارهم بذنوبهم وتوبتهم (وآخر سيئا) أي بعمل آخر سئ وضع الواو موضع الباء كما يقال خلطت الماء واللبن أي باللبن والعمل السيء هم تخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل الصالح هو ندامتهم وربطهم أنفسهم بالسواري وقيل غزواتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم (عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) نزلت هذه الآية في قوم تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة تبوك ثم ندموا على ذلك وقالوا يكونون في الظلال مع النساء ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الجهاد واللأواء فلما قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة قالوا والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقنا ويعذرنا فأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بهم فرآهم فقال من هؤلاء فقالوا هؤلاء الذين تخلفوا عند فعاهدوا الله ز وجل أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت تطلقهم وترضى عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أومر بإطلاقهم لأنهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فأنزل الله هذه الآية فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم فلما أطلقوا قالوا يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها وطهرنا واستغفر لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا فأنزل الله تعالى (خذ من أموالهم صدقة) واختلفوا في عدد هؤلاء
(٣٢٣)