تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
يسمع من عمر وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وعمر رجلا قال مقاتل وغيره من أهل التفسير إن الله مسح صفحة ظهر آدم اليمنى فأخرج منه ذرية بيضاء كهيئة الذر يتحركون ثم مسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال يا آدم هذه ذريتك ثم قال لهم ألست بربكم هؤلاء في النار ولا أبالي وهم أصحاب الشمال ثم أعادهم جميعا في صلبه فأهل القبور ومحبوسون حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء قال الله تعالى فيمن نقض العهد الأول (وما وجدنا لأكثرهم من عهد) وقال بعض أهل التفسير إن أهل السعادة أقروا طوعا وقالوا بلى وأهل الشقاوة قاوله تقية وكرها وذلك معنى قوله (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها) واختلفوا في موضع الميثاق قال ابن عباس رضي الله عنهما ببطن نعمان واد إلا جنب عرفة وروي عنه أيضا أنه بدهناء من أرض الهند وهو الموضع الذي هبط آدم عليه السلام عليه وقال الكلبي بين مكة والطائف وأقل السدي أخرج الله آدم علي السلام من الجنة فلم يهبط من السماء ثم مسح ظهره فأخرج ذريته وروي أن الله أخرجهم جميعا وصورهم وجعل لهم عقولا يعلمون بها وألسنا ينطقون بها ثم كلمهم قبلا يعني عيانا وقال ألست بربكم وقال الزجاج وجائزان يكون الله تعالى جعل لأمثال الذر فهما تعقل به كما قال تعالى (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) وروي أن الله تعالى قال لهم جميعا اعملوا أنه لا إله غيري وأنا ربكم لا رب لكم غيري فلا تشركوا بي شيئا فإني سأنتقم ممن أشرك بي ولم يؤمن بي وإني مرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي ومنزل عليكم كتبا فتكلموا جميعا وقالوا هدنا أنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك فأخذ بذلك مواثيقهم ثم كتب آجالهم وأرزقاهم ومصائبهم فنظر إليهم آدم فرأى منهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال رب لولا سويت بينهمه قال إني أحب أن أشكر فلما قررهم بتوحيده وأشهد بعهضم على بعض أعادهم إلى صلبه فلا تقوم الساعة حتى بولد كل ذريتهم قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وابن عامر (ذرياتهم) بالجمع وكسر التاء وقرأ الآخرون (ذريتهم) على التوحيد ونصب التاء فإن قيل ما معنى قوله (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم) وإنما أخرجهم من ظهر آدم قيل إن الله أخرج ذرية آدم بعضهم من ذرية آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما قوله تعالى (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) أي أشهد بعضهم على بعض قوله (شهدنا أن تقولوا) قرأ أبو عمرو (ان يقولوا) ويقولوا بالياء فيهما وقرأ الآخرون بالتاء فيهما واختلفوا في قوله (شهدنا) قال السدي هو خبر من الهل عن نفسه وملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني آدم وقال بعضهم هو خبر عن قول بني آدم أشهد الله بعضهم على بعض فقالوا بلى شهدناه وقال الكلبي ذلك من قول الملائكة وفيه حذف تقديره لما قالت الذرية بلى قال الله للملائكة الذرية قال الله للملائكة اشهدوا قالوا شهدنا قوله (ان يقولوا) يعني وأشهدهم على أنفسهم
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»