تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٨
جاؤوا يطلبون ما جعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال الأشياخ كنا درأ لكم ولو انهزمتم لانحرفتم إلينا فلا تذهبوا بالغنائم دوننا وقام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري أخو بني سلمة فقال يا رسول الله إنك وعدت أن من قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا وإنا قد قتلنا منهم سبعين وأسرنا منهم سبعين فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال والله يا رسول الله ما منعنا أن نطلب ما يطلب هؤلاء إلا زهادة في الآخرة ولا جبن عن العدو ولكن كرهنا أن تعرى مصافك فيعطف عليك خيل من المشركين فيصيبوك فأعرض عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعيد يا رسول الله إن الناس كثير والغنيمة دون ذلك فإن تعط هؤلاء الذي ذكرت لا يبقى لأصحابك كثير شيء فنزلت يسألونك عن الأنفال وقال ابن إسحاق أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في العسكر فجمع فاختلف المسلمون فيه فقال من جمعه هو لنا قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل كل امرئ ما أصاب وقال الذين يقاتلون العدو لولا نحن ما أصبتموه وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأينا أن نقتل العدو وأن نأخذ المتاع ولكنا خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو وقمنا دونه فما أنتم بأحق به منا وروى مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال قال فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه اخلاقنا فنزعه الله من أيدينا فجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا عن بواء يقول على السواء وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص بن أمية وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكثيفة فأعجبني فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن الله قد شفى صدري من المشركين فهب لي هذا السيف فقال هذا لي ولا لك اذهب فاطرحه في القبض فطرحته ورجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله منقتل أخي وأخذ سلاحي وقلت عسى أن يعطي هذا السبف من لم يبل ببلائي فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزل الله عز وجل (يسألونك عن الأنفال) الآية فخفت أن يكون قد نزل في شيء فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا سعد إنك سألتني السيف وليس لي وإنه قد صار لي الآن فاذهب فخذه فهو لك وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت المغانم لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ليس لأحد فيها شيء وما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول قوله (يسألونك من الأنفال) أي عن حكم الأنفال وعلمها وهو سؤال استخبار لا سؤال طلب وقيل هو سؤال طلب قاله الضحاك وعكرمة وقوله (عن الأنفال) أي من الأنفال عن بمعنى من وقيل عن صلة أي يسألونك الأنفال وهكذا قراءة ابن مسعود بحذف عن والأنفال الغنائم واحدها نفل وأصله الزيادة يقال نفلتك وأنفلتك أي زدتك سميت الغنائم أنفالا لنها زيادة من الله لهذه الأمة على الخصوص وأكثر المفسرين على أن الآية في غنائم بدر وقال عطاء هي ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو أمة ومتاع فهو للنبي صلى الله عليه وسلم يصنع به ما شاء (قل الأنفال لله والرسول) يقسمانها كما شاءا واختلفوا فيه فقال مجاهد وعكرمة والسدي هذه الآية منسوخة بقوله عز وجل (واعلموا أنما غنمتم من شيء
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»