تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٣٥
سورة البقرة 164 قالوا يا محمد صف لنا ربك وانسبه فأنزل الله تعالى هذه الآية وسورة الإخلاص والواحد الذي لا نظير له ولا شريك له أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جعفر الزياتي أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا بكر بن إبراهيم وأبو عاصم عن عبد الله بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن في هاتين الآيتين اسم الله الأعظم (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) و (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال أبو الضحى لما نزلت هذه الآية قال المشركون إن محمدا يقول إن إلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين فأنزل الله عز وجل 164 ( إن في خلق السماوات والأرض) ذكر السماوات بلفظ الجمع والأرض بلفظ الواحد لأن كل سماء من جنس آخر والأرضون كلها من جنس واحد وهو التراب فالآية في السماوات سمكها وارتفاعها من غير عمد ولا علاقة وما يرى فيها من الشمس والقمر والنجوم والآية في الأرض مدها وبسطها وسعتها وما يرى فيها من الأشجار والأنهار والجبال والبحار والجواهر والنبات قوله تعالى (واختلاف الليل والنهار) أي تعاقبهما في الذهاب والمجيء يخلف أحدهما صاحبه إذا ذهب أحدهما جاء الآخر أي بعده نظيره قوله تعالى (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) قال عطاء أراد اختلافهما في النور والظلمة والزيادة والنقصان والليل جمع ليلة والليالي جمع الجمع والنهار جمع نهر وقدم الليل على النهار في الذكر لأنه أقدم منه قال الله تعالى (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) (والفلك التي تجري في البحر) يعني السفن واحده وجمعه سواء فإذا أريد به الجمع يؤنث وفي الواحد يذكر قال الله تعالى في الواحد والتذكير (إذ أبق إلى الفلك المشحون) وقال في الجمع والتأنيث (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) (والفلك التي تجري في البحر) الآية في الفلك تسخيرها وجريها على وجه الماء وهي موقرة لا ترسب تحت الماء (بما ينفع الناس) يعني ركوبها والحمل عليهما في التجارات والمكاسب وأنواع المطالب (وما أنزل الله من السماء من ماء) يعني المطر قيل أراد بالسماء السحاب يخلق الله الماء في السحاب ثم من السحاب ينزل وقيل أراد به السماء المعروفة يخلق الله تعالى الماء في السماء ثم ينزل من السماء إلى السحاب ثم من السحاب ينزل إلى الأرض (فأحيا به) أي بالماء (الأرض بعد موتها) أي بعد يبسها وجدوبتها (وبث فيها) أي فرق فيها (من كل دابة وتصريف الرياح) قرأ حمزة
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»