تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٤٦
سورة البقرة 179 180 بالإحسان فيما له وعليه ومذهب أكثر العلماء من الصحابة والتابعين أن ولي الدم إذا عفا عن القصاص على الدية فله أخذ الدية وإن لم يرض به القاتل وقال قوم لا دية له إلا برضى القاتل وهو قول الحسن والنخعي وأصحاب الرأي وحجة المذهب الأول ما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \ ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقله فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أبوا أخذوا العقل \ قوله تعالى (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) أي ذلك الذي ذكرت من العفو عن القصاص وأخذ الدية تخفيف من ربكم ورحمة وذلك أن القصاص في النفس والجراح كان حتما في التوراة على اليهود ولم يكن لهم أخذ الدية وكان في شرع النصارى الدية ولم يكن لهم القصاص فخير الله هذه الأمة بين القصاص وبين العفو عن الدية تخفيفا منه ورحمة (فمن اعتدى بعد ذلك) فقتل الجاني بعد العفو وقبول الدية (فله عذاب أليم) وهو أن يقتل قصاصا قال ابن جريج يتحتم قتله حتى لا يقبل بعد العفو وفي الآية دليل على أن القاتل لا يصير كافرا بالقتل لأن الله تعالى خاطبه بعد القتل بخطاب الإيمان فقال (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص) وقال في آخر الآية (فمن عفي له من أخيه شيء) وأراد به أخوة الإيمان فلم يقطع الأخوة بينهما بالقتل 179 قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) أي بقاء وذلك أن القاصد للقتل إذا علم أنه إذا قتل يقتل يمتنع عن القتل فيكون فيه بقاؤه وبقاء من هم بقتله وقيل في المثل القتل أنفى للقتل وقيل معنى الحياة سلامته من قصاص الآخرة فإنه إذا اقتص منه في الدنيا حيي في الآخرة وإذا لم يقتص منه في الدنيا اقتص منه في الآخرة (يا أولي الألباب لعلكم تتقون) أي تنتهون عن القتل مخافة القود 180 قوله تعالى (كتب عليكم) أي فرض عليكم) (إذا حضر أحدكم الموت) أي جاء أسباب الموت وآثاره من العلل والأمراض (إن ترك خيرا) أي مالا نظيره قوله تعالى (وما تنفقوا من خير) (الوصية للوالدين والأقربين) كانت الوصية فريضة في ابتداء الإسلام للوالدين والأقربين
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»