تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٤٠
سورة البقرة 173 الله صلى الله عليه وسلم \ يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربهه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك \ (واشكروا لله) على نعمه (إن كنتم إياه تعبدون) ثم بين المحرمات فقال 173 (إنما حرم عليكم الميتة) قرأ أبو جعفر (الميتة) كل القرآن بالتشديد والباقون يشددون البعض والميتة كل ما لم تدرك ذكاته مما يذبح (والدم) أراد به الدم الجاري يدل عليه قوله تعالى (أو دما مسفوحا) واستثنى الشرع من الميتة السمك والجراد ومن الدم الكبد والطحال فأحلها أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ أحلت لنا ميتتان ودمان الميتتان الحوت والجراد والدمان أحسبه قال الكبد والطحال \ (ولحم الخنزير) أراد به جميع أجزائه فعبر عن ذلك باللحم لأنه معظمه (وما أهل به لغير الله) أي ما ذبح للأصنام والطواغيت وأصل الإهلال رفع الصوت وكانوا إذا ذبحوا لآلهتهم يرفعون أصواتهم بذكرها فجرى ذلك من أمرهم حتى قيل لكل ذابح وإن لم يجهر بالتسمية مهل وقال الربيع بن أنس وغيره (وما أهل به لغير الله) قال ما ذكر عليه اسم غير الله (فمن اضطر) بكسر النون وأخواته عاصم وحمزة ووافق أبو عمرو إلا في اللام والواو مثل (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) ويعقوب إلا في الواو ووافق ابن عامر في التنوين والباقون كلهم بالضم فمن كسر قال لأن الجزم يحرك إلى الكسر ومن ضم فلضمه أول الفعل نقل حركتها إلى ما قبلها وأبو جعفر بكسر الطاء ومعناه فمن اضطر إلى أكل الميتة أي أحوج وألجئ إليه (غير) نصب على الحال وقيل على الاستثناء وإذا رأيت (غير) لا يصلح في موضعها إلا فهي حال وإذا صلح في موضعها إلا فهي استثناء (باغ ولا عاد) أصل البغي قصد الفساد يقال بغى الجرح يبغي بغيا إذا ترامى إلى الفساد وأصل العدوان الظلم ومجاوزة الحد يقال عدا عليه عدوا وعدوانا إذا ظلم واختلفوا في معنى قوله (غير باغ ولا عاد) فقال بعضهم غير باغ أي غير خارج على السلطان ولا عاد معتد عاص بسفره أن خرج لقطع الطريق أو لفساد في الأرض وهو قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقالوا لا يجوز للعاصي بسفره أن يأكل الميتة إذا اضطر إليها ولا أن يترخص برخص المسافر حتى يتوب وبه قال الشافعي لأن إباحة الميتة لهه إعانة له على فساده وذهب جماعة إلى أن
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»