تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٣٦
سورة البقرة 165 والكسائي (الريح) بغير ألف وقرأ الباقون بالألف وكل ريح في القرآن ليس فيها ألف ولا لام اختلفوا في جمعها وتوحيدها إلا في الذاريات (الريح العقيم) اتفقوا على توحيدها وفي الحرف الأول من سورة الروم (الرياح مبشرات) اتفقوا على جمعها وقرأ أبو جعفر سائرها على الجمع والقراء مختلفون فيها والريح يذكر ويؤنث وتصريفها أنها يتصرف إلى الجنوب والشمال والقبول والدبور والنكباء وقيل تصريفها أنها تارة تكون لينا وتارة تكون عاصفا وتارة تكون حارة وتارة باردة قال ابن عباس أعظم جنود الله الريح والماء وسميت الريح ريحا لأنها تريح النفوس قال شريح القاضي ما هبت ريح إلا لشفاء سقيم أو لسقم صحيح والبشارة في ثلاث من الرياح في الصبا والشمال والجنوب أما الدبور فهي الريح العقيم لا بشارة فيها وقيل الرياح ثمانية أربعة للرحمة وأربعة للعذاب فأما التي للرحمة المبشرات والباشرات والذاريات والمرسلات وأما التي للعذاب فالعقيم والصرصر في البر والعاصف والقاصف في البحر (والسحاب المسخر) أي الغيم المذلل سمي سحابا لأنه ينسحب أي يسير في سرعة كأنه يسحب أي يجر (بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) فيعلمون أن لهذه الأشياء خالقا وصانعا قال وهب بن منبه ثلاثة لا يدرى من أين تجيء الرعد والبرق والسحاب 165 قوله تعالى (ومن الناس) يعني المشركين (من يتخذ من دون الله أندادا) أي أصناما يعبدونها (يحبونهم كحب الله) أي يحبون آلهتهم كحب المؤمنين الله وقال الزجاج يحبون الأصنام كما يحبون الله لأنهم أشركوها مع الل فسووا بين الله وبين أوثانهم في المحبة (والذين آمنوا أشد حبا لله) أي أثبت وأدوم على حبه من المشركين لأنهم لا يختارون على الله ما سواه والمشركون إذا اتخذوا صنما ثم رأوا أحسن منه طرحوا الأول واختاروا الثاني قال قتادة إن الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء ويقبل على الله تعالى كما أخبر الله عز وجل عنهم فقال (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين) والمؤمن لا يعرض عن الله في السراء والضراء والشدة والرخاء قال سعيد بن جبير إن الله عز وجل يأمر يوم القيامة من أحرق نفسه في الدنيا على رؤية الأصنام أن يدخلوا جهنم مع أصنامهم فلا يدخلون لعلمهم أن عذاب جهنم على الدوام ثم يقول للمؤمنين وهم بين أيدي الكفار إن كنتم أحبائي فأدخلوا جهنم فيقتحمون فيها فينادي مناد من تحت العرش (والذين آمنوا أشد حبا لله) وقيل إنما قال (والذين آمنوا أشد حبا لله) لأن الله تعالى أحبهم أولا ثم أحبوه ومن شهد له المعبود بالمحبة كانت محبته أتم قال الله تعالى (يحبهم ويحبونه) قوله
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»