تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٦٠
سورة النساء 89 90 89 قوله تعالى (ودوا) تمنوا يعني أولئك الذين رجعوا عن الدين تمنوا (لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) في الكفر وقوله (فتكونون) لم يرد به جواب التمني لأن جواب التمني بالفاء منصوب إنما أراد النسق أي ودوا لو تكفرون وودوا لو تكونون سواء مثل قوله (ودوا لو تدهن فيدهنون) أي ودوا لو تدهت وودوا لو تدهنون (فلا تتخذوا منهم أولياء) منع من موالاتهم (حتى يهاجروا في سبيل الله) معكم قال عكرمة هي هجرة أخرى والهجرة على ثلاثة أوجه هجرة المؤمنين في أول الإسلام وهي قوله تعالى (للفقراء المهاجرين) وقوله (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله) ونحوهما من الآيات وهجرة المؤمنين وهي الخروج في سبيل الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صابرين محتسبين كما حكي ههنا وفي هذه الآية منع موالاة المؤمنين من موالاة المنافقين حتى يهاجروا في سبيل الله وهجرة سائر المؤمنين ما نهى الله عنه وهي ما قال النبي صلى الله عليه وسلم \ المهاجر من هجر ما نهى الله عنه \ قوله تعالى (فإن تولوا) أعرضوا عن التوحيد والهجرة (فخذوهم) أي خذوهم أسارى ومنه يقال للأسير أخيذ (واقتلوهم حيث وجدتموهم) في الحل والحرم (ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا) ثم استثنى طائفة منهم فقال 90 (إلا الذين يصلون إلى قوم) وهذا الاستثناء يرجع إلى القتل لا إلى الموالاة لأن موالاة الكفار والمنافقين لا تجوز بحال ومعنى (يصلون) أي نتسبون إليهم ويتصلون بهم ويدخلون فيهم بالحلف والجوار وقال ابن عباس رضي الله عنهما يريدون ويلجأون إلى قوم (بينكم وبينهم ميثاق) أي عهد وهم الأسلميون وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وادع هلال بن عويمر الأسلمي قبل خروجه إلى مكة على أن لا يعينه ولا يعين عليه ومن وصل إلى هلال من قومه وغيرهم ولجأ إليه فلهم من الجوار مثل ما لهلال وقال الضحاك عن ابن عباس أراد بالقوم الذين بينكم وبينهم ميثاق بني بكر بن زيد بن مناة كانوا في
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»