تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٥٧
سورة النساء 84 85 84 قوله تعالى (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان بعد حرب أحد موسم بدر الصغرى في ذي القعدة فلما بلغ الميعاد دعا الناس إلى الخروج فكرهه بعضهم فأنزل الله عز وجل (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) أي لا تدع جهاد العدو والاستنصار للمستضعفين من المؤمنين ولو وحدك فإن الله قد وعدك النصرة وعاقبهم على ترك القتال والفاء في قوله تعالى (فقاتل) جواب عن قوله (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما) فقاتل (وحرض المؤمنين) على القتال أي حضهم على الجهاد ورغبهم في الثواب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبا فكفاهم الله القتال فقال جل ذكره (عسى الله) أي لعل الله (أن يكف بأس الذين كفروا) أي قتال المشركين و (عسى) من الله واجب (والله أشد بأسا) أي أشد صولة وأعظم سلطانا (وأشد تنكيلا) أي عقوبة 85 قوله عز وجل (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) أي نصيب منها قال ابن عباس رضي الله عنهما الشفاعة الحسنة هي الإصلاح بين الناس والشفاعة السيئة هي المشي بالنميمة بين الناس وقيل الشفاعة الحسنة هي حسن القول في الناس ينال به الثواب والخير والسيئة هي الغيبة وإساءة القول في الناس ينال به الشر وقوله (كفل منها) أي من وزرها وقال مجاهد على شفاعة الناس بعضهم لبعض ويؤجر الشفيع على شفاعته وإن لم يشفع أخبرنا أحمد بن عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا سفيان الثوري عن أبي بردة أخبرني جدي أبو بردة عن أبيه أبي موسى رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل يسأل أو طالب حاجة أقبل علينا بوجهه فقال \ اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء \ قوله تعالى (وكان الله على كل شيء مقيتا) قال ابن عباس رضي الله عنهما مقتدرا أو مجازيا قال الشاعر (وذي ظعن كففت النفس عنه وكنت على إسائته مقيتا) وقال مجاهد شاهدا وقال قتادة حافظا وقيل معناه على كل حيوان مقيتا أي يوصل القوت إليه وجاء في الحديث \ كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ويقيت \
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»