تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٥٩
سورة النساء 88 وفي القبور (إلى يوم القيامة) وسميت القيامة قيامة لأن الناس يقومون من قبورهم قال الله تعالى (يوم يخرجون من الأجداث سراعا) وقيل لقيامهم إلى الحساب قال الله تعالى (يوم يقوم الناس لرب العالمين) (لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا) أي قولا ووعدا وقرأ حمزة والكسائي (أصدق) وكل صاد ساكنة بعدها دال بإشمام الزاي 88 (فما لكم في المنافقين فئتين) اختلفوا في سبب نزولها فقال قوم نزلت في الذين تخلفوا يوم أحد من المنافقين فلما رجعوا قال بعض الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلهم فإنهم منافقون وقال بعضهم اعف عنهم فإنهم تكلموا بالإسلام أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو الوليد أنا شعبة عن عدي بن ثابت قال سمعت عبد الله بن يزيد يحدث عن زيد بن ثابت قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد رجع ناس ممن خرج معه وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فرقتين فرقة تقول نقاتلهم وفرقة تقول لا نقاتلهم فنزلت (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) وقال إنها طيبة تنفي الذنوب كما تنفي النار خبث الفضة وقال مجاهد قوم خرجوا إلى المدينة وأسلموا ثم ارتدوا واستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها فخرجوا وأقاموا بمكة فاختلف المسلمون فيهم فقائل يقول هم منافقون وقائل يقول هم مؤمنون وقال بعضهم نزلت في ناس من قريش قدموا المدينة وأسلموا ثم ندموا على ذلك فخرجوا كهيئة المتنزهين حتى تباعدوا من المدينة فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا على الذي فارقناك عليه من الإيمان ولكن اجتوينا المدينة واشتقنا إلى أرضنا ثم إنهم خرجوا في تجارة لهم نحو الشام فبلغ ذلك المسلمين فقال بعضهم نخرج إليهم فنقتلهم ونأخذ ما معهم لأنهم رغبوا عن ديننا وقالت طائفة كيف تقتلون قوما على دينكم إن لم يذروا ديارهم وكان هذا بعين النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساكت لا ينهى واحدا من الفريقين فنزلت هذه الآية وقال بعضهم هم قوم أسلموا بمكة ثم لم يهاجروا وكانوا يظاهرون المشركين فنزلت (فما لكم) يا معشر المؤمنين (في المنافقين فئتين) أي صرتم فيهم فئتين أي فرقتين (والله أركسهم) أي نكسهم وردهم إلى الكفر (بما كسبوا) بأعمالهم غير الزاكية (أتريدون أن تهدوا) أي أن ترشدوا (من أضل الله) وقيل معناه أتقولون أن هؤلاء مهتدون وقد أضلهم الله (ومن يضلل الله) أي وكما كفروا يضلل الله عن الهدى (فلن تجد له سبيلا) أي طريقا إلى الحق
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»