تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٠٤
سورة النساء 13 أن الكلالة اسم لمن فمنهم من قال اسم للميت وهو قول علي وابن مسعود رضي الله عنهما لأنه مات عن ذهاب طرفيه فكل عمود نسبه ومنه من قال اسم للورثة وهو قول سعيد بن جبير لأنهم يتكللون الميت من جوانبه وليس في عمود نسبه أحد كالإكليل يحيط بالرأس ووسط الرأس منه خال وعليه يدل حديث جابر رضي الله عنه حيث قال إنا يرثني كلالة ألي يرثني ورثة ليسوا بولد ولا والد وقال النضر بن شميل الكلالة اسم للمال وقال أبو الخير سأل رجل عقبة عن الكلالة فقال ألا تعجبون من هذا يسألني عن الكلالة وما أعضل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما أعضلت بهم الكلالة وقال عمر رضي الله عنه ثلاث لا يكون النبي صلى الله عليه وسلم بينهن لنا أحب إلينا من الدنيا وما فيها الكلالة والخلافة وأبواب الزنا وقال معد بن طلحة خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ في شيء ما أغلظ لي في الكلالة حتى طعن بأصبعه في صدري فقال يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء وإني إن أعش أقض بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ وقوله ألا تكفيك آية الصيف أراد أن الله عز وجل أنزل في الكلالة آيتين إحداهما في الشتاء وهي التي في أول سورة النساء والأخرى في الصيف وهي التي في آخرها وفيها من البيان ما ليس في آية الشتاء فلذلك أحاله عليها قوله تعالى (وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس) أراد به الأخ والأخت من الأم بالاتفاق قرأ سعد بن أبي وقاص (وله أخ أو أخت من أم) ولم يقل لهما مع ذكر الرجل والمرأة من قبل على عادة العرب إذا ذكرت اسميت ثم أخبرت عنهما وكانا في الحكم سواء ربما أضافت إلى أحدهما وربما أضافت إليهما كقوله تعالى (وستعينوا بالصبر والصلاة وإنا لكبيرة) (فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) فيه إجماع أن الأم إذا كانوا اثنين فصاعدا يشتركون في الثلث ذكرهم وأناهم قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته ألا إن الآية التي أنزل الله تعالى في أول سورة النساء في بيان الفرائض أنزلها في الولد والوالد والأم والآية الثانية في الزوج والزوجة والإخوة والأخوات من الأم والآية التي ختم بها سورة النساء في الإخوة والأخوات من الأب والأم والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله (من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار) أي غير مدخل الضرر على الورثة بمجاوزة الثلث في الوصية فإن الحسن هو أن يوصي بدين ليس عليه (وصية من الله والله عليم حليم) قال قتادة كره الله لاضرار في الحياة وعند الموت ونهى عنه وقدم فيه 13 (تلك حدود الله) يعني ما ذكر من الفرائض المحدودة (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم)
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»