تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٠٣
سورة النساء 12 يعني الذين يرثونكم آباؤكم وأبناؤكم (لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) أي لا تعلمون أنهم أنفع لكم في الدين والدنيا فمنكم من يظن أن الأب أنفع له فيكون الابن أنفع له ومنكم من يظن أن الابن أنفع له فيكون الأب أنفع له وأنا العالم بمن هو أنفع لكم وقد دبر أمركم على ما فيه المصلحة فاتبعوه وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أطوعكم لله عز وجل من الآباء والأبناء أرفعكم درجة يوم القيامة والله تعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض فإن كان الوالد أرفع درجة يوم القيامة في الجنة رفع إليه ولده وإن كان الولد أرفع درجة رفع إليه والده لتقر بذلك أعينهم (فريضة من الله) أي ما قدر الله من المواريث (إن الله كان عليما) بأمور العباد (حكيما) بنصب الأحكام 12 قوله تعالى (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين) هذا ميراث الأزواج (ولهن الربع) يعني الزوجات الربع (مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين) هذا ميراث الزوجات وإذا كان للرجل أربع نسوة فهن يشتركن في الربع والثمن قوله تعالى (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة) تورث كلالة ونظم الآية وإن كان رجل أو امرأة يورث ماله كلالة واختلفوا في الكلالة فذهب أكثر الصحابة إلى أن الكلالة من لا ولد له ولا والد له وروي عن الشعبي قال سئل أبو بكر رضي الله عنه عن الكلالة فقال إني سأقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان أراه ما خلا الوالد والولد فلما استخلف عمر رضي الله عنهما قال إني لأستحي من الله أن أرد شيئا قاله أبو بكر رضي الله عنه وذهب طاوس إلى أن الكلالة من لا ولد له وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما وآخر القولين عن عمر رضي الله عنه واحتج من ذهب إلى هذا بقول الله تعالى (قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد) وبيانه عند العامة مأخوذ من حديث جابر بن عبد الله لأن الآية نزلت فيه ولم يكن له يوم نزولها أب ولا ابن لأن أباه عبد الله بن حزام قتل يوم أحد وآية الكلالة نزلت في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم فصار شأن جابر بيانا لمراد الآية لنزولها فيه واختلفوا في
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»