تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤١٥
سورة النساء 25 الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول الله إني وهبت نفسي لك فقامت طويلا فقام رجل فقال يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك فيها حاجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ هل عندك من شيء تصدقها \ قال ما عندي إلا إزاري هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئا \ فقال ما أجده فقال \ فالتمس ولو خاتما من حديد \ فالتمس فلم يجد شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ هل معك من القرآن شيء \ قال نعم سورة كذا وسورة كذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ قد زوجتها بما معك من القرآن \ وفيه دليل على أن لا تقدير لأقل الصداق لأنه قال التمس شيئا \ وهذا يدل على جواز أي شيء كان من المال وقال \ ولو خاتما من حديد \ ولا قيمة لخاتم الحديد إلا القليل التافه وفي الحديث دليل على أنه يجوز تعليم القرآن صداقا وهو قول الشافعي رحمه الله وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز وهو قول أصحاب الرأي وكل عمل جاز الاستئجار عليه من البناء والخياطة وغير ذلك من الأعمال جاز أن يجعل صداقا ولم يجوز أبو حنيفة رضي الله عنه أن يجعل منفعة الحر صداقا والحديث حجة لمن جوزه بعدما أخبر الله تعالى عن شعيب عليه السلام حيث زوج ابنته من موسى عليه السلام على العمل فقال (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) 25 قوله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولا) أي فضلا وسعة (أن ينكح المحصنات) الحرائر (المؤمنات) قرأ الكسائي (المحصنات) بكسر الصاد حيث كان إلا قوله في هذه السورة والمحصنات من النساء وقرأ الآخرون بفتح جميعها (فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم) إمائكم (المؤمنات) أي من لم يقدر على مهر الحرة المؤمنة فليتزوج الأمة المؤمنة وفيه دليل على أنه لا يجوز للحر نكاح الأمة إلا بشرطين أحدهما أن لا يجد مهر حرة والثاني أن يكون خائفا على نفسه من العنت وهو الزنا لقوله تعالى في آخر الآية (ذلك لمن خشي العنت منكم) وهو قول جابر رضي الله عنه وبه قال طاوس وعمرو بن دينار وإليه ذهب مالك والشافعي وجوز أصحاب الرأي للحر نكاح الأمة إلا أن تكون في نكاحه حرة أما العبد فيجوز له نكاح الأمة وإن كان في نكاحه حرة
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»