تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٨٢
سلام وأبو نائلة وكان أخا كعب من الرضاعة وعباد بن بشر والحارث بن أوس وأبو عيسى بن جبير فمشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم وقال \ انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم \ ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في ليلة مقمرة فأقبلوا حتى أنهوا إلى حصنه فقدموا أبا نائلة فجاءه فتحدث معه ساعة وتناشد الشعر وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال ويحك يا ابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم علي قال أفعل قال كان قدوم هذا الرجل بلادنا بلاء عادتنا العرب ورمونا عن قوس واحدة وانقطعت عنا السبل حتى ضاعت العيال وجهدت الأنفس فقال كعب أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرتك يا ابن سلامة أن الأمر سيصير إلى هذا فقال أبو نائلة إن معي أصحابا أردنا أن تبيعنا طعامك ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك قال أترهنوني أبناءكم قال إنا نستحي إن يعير أبناؤنا فيقال هذا رهينة وسوق وهذا رهينة وسقين قال ترهنوني نساءكم قالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ولا نأمنك وأية امرأة تمنع من جمالك ولكنا نرهنك الحلقة يعني السلاح وقد علمت حاجتنا إلى السلاح قال نعم وأراد أبو نائلة أن لا ينكر السلاح إذا رآه فوعده أن يأتيه فرجع أبو نائلة إلى أصحابه فأخبرهم خبره فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه ليلا فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب من ملحفته فقالت امرأته أسمع صوتا يقطر منه الدم وإنك رجل محارب وإن صاحب المحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة فكلمهم من فوق الحصن فقال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة وإن هؤلاء لو وجدوني نائما لأيقظوني وإن الكريم إذا دعي إلى طعنة بليل أجاب فنزل إليهم فتحدثوا معه ساعة ثم قالوا يا ابن الأشرف هل لك إلى أن تتماشى إلى شعب العجود نتحدث فيه بقية ليلتنا هذه قال إن شئتم فخرجوا يتماشون وكان أبو نائلة قال لأصحابه إني نائل شعره فأشمه فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه ثم إنه شام يده في فود رأسه ثم شم يده فقال ما رأيت كالليلة طيب عروس قط قال إنه طيب أم فلان يعني امرأته ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن ثم مشى ساعة فعاد لمثلها ثم أخذ بفود رأسه حتى استمكن ثم قال اضربوا عدو الله فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئا قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولا في سيفي فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن إلا أوقدت عليه النار قال فوضعته في ثندوته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته ووقع عدو الله وقد أصيب الحارث بن أوس بجرح في رأسه أصابه بعض أسيافنا قال فخرجنا وقد أبطأ علينا صاحبنا الحارث بن أوس بجرح في رأسه ونزفه الدم ثم وقفنا له ساعة ثم أتانا يتبع آثارنا فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلي فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل كعب وجئنا برأسه إليه وتفل على جرح صاحبنا فرجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت اليهود وقعتنا بعدو الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ من ظفرتم به من رجال اليهود فاقتلوه \ فوثب محيصة بن مسعود على سفينة رجل من تجار اليهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله وكان حويصة بن مسعود إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله جعل حريصة يضربه ويقول أي عدو الله قتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله قال محيصة والله لو أمرني بقتلك من أمرني بقتله لضربت عنقك قال لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني قال نعم والله إن
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»