تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٦١
سورة آل عمران 150 152 (يردوكم على أعقابكم) يرجعوكم إلى أول أمركم من الشرك بالله (فتنقلبوا خاسرين) مغبونين 150 (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) وذلك أن أبا سفيان والمشركين لما ارتحلوا يوم أحد متوجهين نحو مكة انطلقوا حتى إذا بلغوا بعض الطريق ندموا وقالوا بئس ما صنعنا قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم ارجعوا فاستئاصلوهم فلما عزموا على ذلك قذف الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به فذلك قوله تعالى سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب الخوف قرأ أبو جعفر وابن عامر والكسائي ويعقوب (الرعب) بضم العين وقرأ الآخرون بسكونها (بما أشركوا باله مالم ينزل به سلطانا) حجة وبرهانا (ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) مقام الكافرين 152 قوله تعالى (ولقد صدقكم الله وعده) قال محمد بن كعب القرظي لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة من أحد قد أصابهم ما أصابهم قال ناس من أصحابه من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر فأنزل الله تعالى (ولقد صدقكم الله وعده) بالنصر والظفر وذلك أن الظفر كان للمسلمين في الابتداء (إذ تحسونهم بإذنه) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة وجعل عينين وهو جبل عن يساره وأقام عليه الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير وقال لهم احموا ظهورنا فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وأقبل المشركون فأخذوا في القتال فجعل الرماة يرشقون خيل المشركين بالنبل والمسلمون يضربونهم بالسيوف حتى ولوا هاربين فذلك قوله تعالى (إذ تحسونهم بإذنه) أي تقتلونهم قتلا ذريعا بقضاء الله قال أبو عبيدة الحس الاستئصال بالقتل (حتى إذا فشلتم) أي إن جبنتم وقيل معناه فلما فشلتم (وتنازعتم في الأمر وعصيتم) فالواو زائدة في (وتنازعتم) يعني إذا فشلتم تنازعتم وقيل فيه تقديم وتأخير تقديره حتى إذا تنازعتم في الأمر وعصيتم
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»