قوسين أو ثلاثا وكان الرجل يمر بجعبة من النبل فيقول انثرها لأبي طلحة وكان إذا رمى استشرف النبي صلى الله عليه وسلم لينظر إلى موضع نبله وأصيبت يد طلحة بن عبيد الله فيبست حين وقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصيبت عين قتادة بن النعمان يومئذ حين وقعت على وجنته فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانها فعادت كأحسن ما كانت فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركه أبي بن خلف الجمحي وهو يقول لا نجوت إن نجا فقال القوم يا رسول الله لا يعطف عليه رجل منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه حتى إذا دنى منه وكان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول عندي رمكة أعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتلك إن شاء الله فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه فخدشه خدشة فتدهدأ عن فرسه وهو يخور كما يخور الثور ويقول قتلمي محمد فحمله أصحابه وقالوا ليس عليك بأس قال بلى لو كانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقتلتهم أليس قال لي أقتلك فلو بزق علي بعد تلك المقالة لقتلني فلم يلبث إلا يوما حتى مات بموضع يقال له سرف أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن إسماعيل أنا عمرو بن علي أنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال اشتد غضب الله على من قتله نبي واشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وفشا في الناس أن محمدا قتل فقال بعض السلمين ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان وبعض الصحابة جلسوا وألقوا ما بأيديهم من الأسلحة وقال أناس من أهل النفاق إن كان محمد قتل فالحقوا بدينكم الأول فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك يا قوم إن كان قد قتل محمد فإن رب محمد لم يقتل وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء يعني المسلمين وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني المنافقين ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق إلى الصخرة وهو يدعو الناس فأول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك قال عرفت عينيه تحت المغفر تزهران فناديت بأعلى صوتي يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلي أن اسكت فانحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم النبي صلى الله عليه وسلم على الفرار فقالوا يا نبي الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا الخبر بأنك قد قتل فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين فأنزل الله تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) ومحمد هو المستغرق على الأمر في الكمال وأكرم الله نبيه وصفيه باسمين مشتقين من اسمه جل جلاله محمد وأحمد وفيه يقول حسان بن ثابت (ألم تر أن الله أرسل عبده ببرهانه والله أعلى وأمجد) (وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد) قوله تعالى (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) أي رجعتم إلى دينكم الأول (ومن ينقلب على عقبيه) ويرتد عن دينه (فلن يضر الله شيئا) بارتداده وإنما ضر نفسه (وسيجزي الله الشاكرين)
(٣٥٨)