تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٥٥
سورة آل عمران 139 140 139 قوله تعالى (ولا تهنوا ولا تحزنوا) هذا حق لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الجهاد والصبر على ما أصابهم من القتل والجرح يوم أحد يقول الله تعالى ولا تهنوا أي لا تضعفوا ولا تجبنوا عن جهاد أعدائكم بما نالكم من القتل والجرح وكان قد قتل يومئذ من المهاجرين خمسة منهم حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وقتل من الأنصار سبعون رجلا (ولا تحزنوا) أي على ما فاتكم (وأنتم الأعلون) بأن يكون لكم العاقبة بالنصر والظفر على أعدائكم (إن كنتم مؤمنين) يعني إذ كنتم أي لأنكم مؤمنون قال ابن عباس رضي الله عنهما انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب فأقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم لا يعلوه علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك وثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموها فذلك قوله تعالى (وأنتم الأعلون) وقال الكلبي نزلت هذه الآية بعد يوم أحد حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بطلب القوم بعدما أصابهم من الحرج فاشتد ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية دليله قوله تعالى (ولا تهنوا في ابتغاء القوم) 140 (إن يمسسكم قرح) قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر (قرح) بضم القاف حيث جاء وقرأ الآخرون بالفتح وهما لغتان معناهما واحد كالجهد والجهد وقال الفراء بالفتح اسم للجراحة وبالضم اسم لألم الجراحة هذا خطاب مع المسلمين حيث انصرفوا من أحد مع الكآبة والحزن يقول الله تعالى (إن يمسسكم قرح) يوم أحد (فقد مس القوم قرح مثله) يوم بدر (وتلك الأيام نداولها بين الناس) فيوم لهم ويوم عليهم أديل المسلمون من المشركين يوم بدر حتى قتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين وأديل المشركون من المسلمين يوم أحد حتى جرحوا منه سبعين وقتلوا خمسا وسبعين أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا محمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عمرو بن خالد أنا زهير أخبرنا أبو إسحق قال سمعت البراء بن عازي يحدث قال جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد وكانوا خمسين رجلا عبد الله بن جبير فقال \ إن رأيتمونا تخطفلنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم فهزموهم قال فإنا والله رأيت النساء يتشددن قد بدت خلاخلهن وأسوقهن رافعات ثيابهن فقال أصحاب عبد الله بن جبير الغنيمة أي قوم الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنتظرن فقال عبد الله بن جبير أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فلما أتوهم
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»