تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٢٢
سورة آل عمران 82 83 الميثاق على النبيين خاصة أن يبلغوا كتاب الله ورسالته إلى عباده وأن يصدق بعضهم بعضا وأخذ العهود على كل نبي أن يؤمن بمن يأتي بعده من الأنبياء وينصره إن أدركه فإن لم يدركه أن يأمر قومه بنصرته إن أدركه فأخذ الميثاق من موسى أن يؤمن بعيسى ومن عيسى أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وقال الآخرون بما أخذ الله الميثاق منهم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم فعلى هذا اختلفوا فمنهم من قال إنما أخذ الميثاق على أهل الكتاب الذين أرسل منهم النبيين وهذا قول مجاهد والربيع ألا ترى إلى قوله (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) وإنما كان محمد صلى الله عليه وسلم مبعوثا إلى أهل الكتاب دون النبيين يدل عليه أن في قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) وإنما القراءة المعروفة (وإذا أخذ الله ميثاق النبيين) فأراد أن الله أخذ ميثاق النبيين أن يأخذوا الميثاق إلى أممهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه وينصروه إن أدركوه وقال بعضهم أراد أخذ الله المياث على النبيين وأممهم جميعا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم فاكتفى بذكر الأنبياء لأن العهد على المتبوع عهد على الاتباع وهذا معنى قول ابن عباس وقال علي بن أبي طالب لم يبعث الله نبيا آدم فمن بعده إلا أخذ عليه الميثاق والعهد في أمر محمد وأخذ العهد على قومه ليؤمنن به ولئن بعث وهم أحياء لينصرنه قوله (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم (لتؤمنن به ولتنصرنه قال) يقول الله تعالى للأنبياء حين استخرج الذرية من صلب آدم عليه السلام والأنبياء فيهم كالمصابيح والسرج وأخذ عليهم الميثاق في أمر محمد صلى الله عليه وسلم (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري) أي قبلتم على ذلكم عهدي والإصر العهد الثقيل (قالوا أقررنا قال) الله تعالى (فاشهدوا) أي فاشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم (وأنا معكم من الشاهدين) عليكم وعليهم وقال ابن عباس فاشهدوا أي فاعلموا وقال سعيد بن المسيب قال الله تعالى للملائكة فاشهدوا عليهم كناية عن غير مذكور 82 (فمن تولى بعد ذلك) الإقرار (فأولئك هم الفاسقون) العاصون الخارجون عن الإيمان 83 قوله عز وجل (أفغير دين الله يبغون) وذلك أن أهل الكتاب اختلفوا فادعى كل واحد أنه على دين إبراهيم عليه السلام واختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم عليه السلام \ فغضبوا وقالوا لا نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك فأنزل الله تعالى (أفغير دين الله يبغون) قرأ أهل البصرة وحفص عن عاصم (يبغون) بالياء لقوله تعالى (وأولئك هم الفاسقون) وقرأ الآخرون بالتاء لقوله تعالى (لما آتيتكم) (وله أسلم) خضع وانقاد (من في السماوات
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»