تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣١٦
سورة آل عمران 73 73 (ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم) هذا متصل بالأول من قول اليهود بعضهم لبعض ولا تؤمنوا أي ولا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم أي وافق ملتكم واللام في (من) صلة أي لا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم اليهودية كقوله تعالى (قل عسى أن يكون ردف لكم) أي ردفكم (قل إن الهدى هدى الله) هذا خبر من الله تعالى أن البيان بيانه ثم اختلفوا فيه فمنهم من قال هذا كلام معترض بين كلامين وما بعده متصل بالكلام الأول إخبار عن قول اليهود لبعض ومعناه ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والكتاب والحكمة والآيات من المن والسلوى وفلق البحر وغيرها من الكرامات ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم لأنكم أصح دينا منهم وهذا معنى قول مجاهد وقيل إناليهود قالت لسفلتهم ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم (أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) من العلم أي لئلا يؤتى أحد و (لا) فيه مضمرة كقوله تعالى (يبين الله لكم أن تضلوا) أي لئلا تضلوا يقولون لا تصدقوهم لئلا يعلموا مثل ما علمتم فيكون لكم الفضل عليهم في العلم أو لئلا يحاجوكم عند ربكم فيقولوا عرفتم أن ديننا حق وهذا معنى قول ابن جريج وقرأ الحسن والأعمش (أن يؤتى) بكسر الألف فيكون قول اليهود تاما عند قوله إلا لمن تبع دينكم وما بعده من قول الله تعالى يقول قل يا محمد (إن الهدى هدى الله) أن يؤتي (أن) بمعنى الجحد أي ما يؤتي أحد مثل ما أوتيتم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم (أو يحاجوكم عند ربكم) يعني إلا ن يجادلوكم اليهود بالباطل فيقولوا نحن أفضل منكم فقوله عز وجل (عند ربكم) أي عند فعل ربكم بكم وهذا معنى قول سعيد بن جبير والحسن والكلبي ومقاتل وقال الفراء ويجوز أن يكون (أو) بمعنى حتى كما يقال تعلق به أو يعطيك حقك ومعنى الآية ما أعطي أحد مثل ما أعطيتم يا أمة محمد من الدين والحجة حتى يحاجوكم عند ربكم وقرأ ابن كثير (آن يؤتى) بالمد على الاستفهام وحينئذ يكون فيه اختصار تقديره أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم يا معشر اليهود من الكتاب والحكمة تحسدونه ولا تؤمنون به هذا قول قتادة والربيع قالا هذا من قول الله تعالى يقول قل لهم يا محمد إن الهدى هدى الله بأن أنزل كتابا مثل كتابكم وبعث نبيا حسدتموه وكفرتم به (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) قوله (أو يحاجوكم) على هذه القراءة رجوع إلى خطاب المؤمنين وتكون (أو) بمعنى (أن) لأنهما حرفا شرط وجزاء يوضع أحدهما موضع الآخر أي وإن يحاجوكم يا معشر المؤمنين حسدوكم فقل إن الفضل بيد الله وإن حاجوكم فقل (إن الهدى هدى الله) ويجوز أن يكون الخبر عن اليهود قد تم عند قوله (لعلهم يرجعون) وقوله
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»