تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٣٧
فقال يا رسول الله إن بيننا وبين الناس خبالا يعني العهود وإنا قاطعوها فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال \ لا بل الأبد الأبد الدم الدم والهدم الهدم أنتم مني وأنا منكم أحارث من حاربتم وأسالم من سالمتم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا كفلاء على قومهم بما فيهم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم \ فأخرجوا اثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس قال عاصم بن عمرو بن قتادة إن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري يا معشر الخزرج هل تدرون علام ما تبايعون هذا الرجل إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود فإن كنتم ترون أنكم إذا أنهكن أموالكم مصيبة واشرافكم قتلا أسلمتموه فمن الآن فهو والله إن فعلتم خزي في الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه من نهك الأموال وقتل الأشراف فخذوه فهو والله خير في الدنيا والآخرة قالوا فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف قالوا فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا قال الجنة قال ابسط يدك فبسط يده فبايعوه وأول من ضرب على يده البراء بن معرور ثم تتابع القوم فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة صوتا ما سمعته قط يا أهل الحباحب أهل لكم في مذمم والصباة قد اجتمعوا على حربكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عدو الله هذا أزب العقبة اسمع أي عدو الله أما والله لأفرغن لك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارفضوا إلى رحالكم فقال العباس بن عبادة بن نضلة والذي بعثك بالحق لئن شئت ليملك غدا على أهل منى بأسيافنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نؤمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم قال فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاؤونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج بلغنا أنكم جئتم صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا فإنه والله ما حي من العرب أبغض إلينا أن ينشب بالحرب بيننا وبينهم منكم قال فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه وصدقوا لم يعلموا وبعضنا ينظر إلى بعض وقام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان جديدان قال فقلت له كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا يا أبا جابر أما تستطيع أن تتخذ وأنت سيد من سادتنا مثل نعلي هذا الفتى من قريش قال فسمعها الحارث فخلعهما من رجليه ثم رمى بهما إلي فقال والله لتنتعلهما قال يقول أبو جابر رضي الله عنه مه والله لقد احفظت الفتى فاردد إليه نعله قال لا أردهما قال والله يا أبا صالح والله لئن صدق الفال لأسلبنه قال ثم انصرف الأنصار إلى المدينة وقد شددوا العقد فلما قدموها أظهروا الإسلام بها وبلغ ذلك قريشا فآذوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه \ إن الله تعالى قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون فيها \ وأمرهم بالهجرة إلى المدينة واللحوق بإخوانهم من الأنصار فأول من هاجر إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي ثم عامر بن ربيعة ثم عبد الله بن جحش ثم تتابع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا إلى المدينة
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»