تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٦٤
سورة البقرة 36 38 36 (فأزلهما) استزل (الشيطان) آدم وحواء أي دعاهما إلى الزلة وقرأ حمزة (فأزالهما) أي نحاهما الشيطان فيعال من شطن أي بعد سمي به لبعده عن الخير وعن الرحمة (عنها) عن الجنة (فأخرجهما مما كانا فيه) من النعيم وذلك أن إبليس أراد أن يدخل ليوسوس إلى آدم وحواء فمنعته الخزنة فأتى الحية وكانت صديقة لإبليس وكانت من أحسن الدواب لها أربع قوائم كقوائم البعير وكانت من خزان الجنة فسألها إبليس أن تدخله في فمها فأدخلته ومرت به على الخزنة وهم لا يعلمون فأدخلته الجنة وقال الحسن إنما رآهما على باب الجنة لأنهما كانا يخرجنا منها وقد كان آدم حين دخل الجنة ورأى ما فيها من النعيم قال لو أن أخلد فاغتنم ذلك منه الشيطان فأتاه الشيطان من قبل الخلد فلما دخل الجنة وقف بين يدي آدم وحواء وهما لا يعلمان أنه إبليس فبكى وناح نياحة أحزنتهما وهو أول من ناح فقالا له ما يبكيك قال أبكي عليكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة فوقع ذلك في أنفسهما فاغتما ومضى إبليس ثم أتاهما بعد ذلك وقال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد فأبى أن يقبل منه وقاسمهما بالله أنه لهما لمن الناصحين فاغترا وما ظنا أن أحدا يحلف بالله كاذبا فبادرت حواء إلى أكل الشجرة ثم ناولت آدم حتى أكلها وكان سعيد بن المسيب يحلف بالله ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل ولكن حواء سقته الخمر حتى سكر قادته إليها فأكل قال إبراهيم بن أدهم أورثتنا تلك الأكلة حزنا طويلا قال ابن عباس وقتادة قال الله عز وجل لآدم ألم يكن فيما أبحتك من الجنة مندوحة عن الشجرة قال بلى يا رب وعزتك ولكن ما ظننت أن أحدا يحلف بك كاذبا قال فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا نكدا فأهبط من الجنة وكانا يأكلان فيها رغدا فعلم صعنة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد ثم درس ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله فلم يبلغه حتى بلغ ما شاء الله قال سعيد بن جبير عن ابن عباس إن آدم لما أكل من الشجرة التي نهي عنها قال الله عز وجل يا آدم ما حملك على ما صنعت قال يا رب زينته لي حواء قال فإني أعقبتها أن لا تحمل إلا كرها ولا تضع إلا كرها ودميتها في الشهر مرتين فرنت حواء عند ذلك فقيل عليك الرنة وعلى بناتك فلما أكلا منها فتت عنهما ثيابهما وبدت سوآتهما وأخرجا من الجنة فذلك قوله تعالى (وقلنا اهبطوا) أنزلوا إلى الأرض يعني آدم وحواء وإبليس والحية فهبط آدم بسر نديب من أرض الهند على جبل يقال له نود وحواء بجدة وإبليس بالأبلة والحية بأصفهان (بعضكم لبعض عدو) أراد العداوة التي بين ذرية آدم والحية وبين المؤمنين من ذرية آدم وبين إبليس قال الله تعالى (إن الشيطان لكما عدو مبين) أنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو الحسن بشران أنا إسماعيل بن محمد
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»