تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٦٢
سورة البقرة 33 35 الحاكم وهو القاضي العدل والثاني المحكم للأمر كي لا يتطرق إليه الفساد وأصل الحكمة في اللغة المنع فهي تمنع صاحبها من الباطل ومنه حكمة الدابة لأنها تمنعها من الإعوجاج فلما ظهر عجزهم 33 (قال) الله تعالى (يا آدم أنبئهم بأسمائهم) أخبرهم بأسمائهم فسمى آدم كل شيء وذكر الحكمة التي لأجلها خلق (فلما أنبأهم بأسمائهم قال) الله تعالى (ألم أقل لكم) يا ملائكتي (إني أعلم غيب السماوات والأرض) ما كان منهما وما يكون لأنه قد قال لهم (إني أعلم ما لا تعلمون) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو إني بفتح الياء وكذلك يفتحون كل ياء إضافة استقبلها ألف قطع مفتوحة إلا أحرفا معدودة ويفتح نافع وعمرو عند الألف المكسورة أيضا إلا أحرفا معدودة ويفتح نافع عند المضمومة إلا أحرفا معدودة والآخرون لا يفتحون إلا في أحرف معدودة (وأعلم ما تبدون) قال الحسن وقتادة يعني قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها (وما كنتم تكتمون) قولكم لن يخلق الله خلقا أكرم عليه منا قال ابن عباس هو إن إبليس مر على جسد آدم وهو ملقى بين مكة والطائف لا روح فيه فقال لأمر ما خلق هذا ثم دخل في فيه وخرج من دبره وقال إنه خلق لا يتماسك لأنه أجوف ثم قال للملائكة الذين معه أرأيتم إن فضل هذا عليكم وأمرتم بطاعته ماذا تصنعون قالوا نطيع أمر ربنا فقال إبليس في نفسه والله لئن سلطت عليه لأهلكنه ولئن سلط علي لأعصينه فقال الله تعالى (وأعلم ما تبدون) يعني ما تبديه الملائكة من الطاعة وما كنتم تكتمون يعني إبليس من المعصية 34 قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) قرأ أبو جعفر (للملائكة اسجدوا) بضم التاء على جوار ألف اسجدوا وكذلك قرأ (قل رب احكم بالحق) بضم الباء وضعفه النحاة جدا ونسبوه إلى الغلط فيه واختلفوا في أن هذا الخطاب مع الملائكة فقال بعضهم مع الذين كانوا سكان الأرض والأصح أنه مع جميع الملائكة لقوله تعالى (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) وقوله (اسجدوا) فيه قولان الأصح أن السجود كان لآدم على الحقيقة وتضمن معنى الطاعة لله عز وجل امتثال أمره وكان ذلك سجود تعظيم وتحية لا سجود عبادة كسجود أخوة يوسف له في قوله عز وجل (وخروا له سجدا) ولم يكن فيه وضع الوجه على الأرض إنما كان انحناء فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام وقيل معنى
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»