تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٦٣
قوله (اسجدوا لآدم) أي إلى آدم فكان آدم قبلة والسجود لله تعالى كما جعلت الكعبة قبلة للصلاة والصلاة لله عز وجل (فسجدوا) يعني الملائكة (إلا إبليس) وكان اسمه عزازيل بالسريانية وبالعربية الحرث فلما اعصى غير اسمه وصورته فقيل إبليس لأنه أبس من رحمة الله تعالى أي يئس واختلفوا فيه فقال ابن عباس وأكثر المفسرين كان إبليس من الملائكة وقال الحسن كان من الجن ولم يكن من الملائكة وقال الحسن كان من الجن ولم يكن من الملائكة لقوله تعالى (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) فهو أصل الجن كما أن آدم أصل الإنس ولأنه خلق من النار والملائكة خلقوا من النور ولأن له ذرية ولا ذرية للملائكة والأول أصح لأن خطاب السجود كان مع الملائكة وقوله (كان من الجن) أي من الملائكة الذين هم خزنة الجنة وقال سعيد بن جبير من الذين يعملون في الجنة وقال قوم من الملائكة الذين كانوا يصوغون حلي أهل الجنة وقيل إن فرقة من الملائكة خلقوا من النار سموا جنا لاستتارهم عن الأعين وإبليس كان منهم والدليل عليه قوله تعالى (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا) وهو قولهم الملائكة بنات الله ولما أخرجه الله من الملائكة جعل له ذرية قوله (أبى) أي امتنع فلم يسجد (واستكبر) أي تكبر عن السجود لآدم (وكان) أي وصار (من الكافرين) وقال أكثر المفسرين وكان في سابق علم الله من الكافرين الذين وجبت لهم الشقاوة أنا أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي أنا ابن الحاكم أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي أنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد أنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنا جرير ووكيع وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فأطاع فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار \ قوله تعالى 35 (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) وذلك أن آدم لم يكن في الجنة من يجانسه فنام نومة فخلق الله زوجته حواء من قصيراء شقه الأيسر وسميت حواء لأنها خلقت من حي خلقها الله عز وجل من غير أن يحس به آدم ولا وجد له ألما ولو وجد لما عطف رجل على امرأة قط فلما هب من نومه رآها جالسة عند رأسه كأحسن ما خلق الله فقال لها من أنت قالت زوجتك خلقني الل لك تسكن إلي وأسكن إليك (وكلا منها رغدا) واسعا كثيرا (حيث شئتما) كيف شئتما وأين شئتما (ولا تقربا هذه الشجرة) يعني بالأكل قال بعض العلماء وقع النهي على جنس من الشجر وقال آخرون على شجرة مخصوصة واختلفوا في تلك الشجرة قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومقاتل هي السنبلة وقال ابن مسعود هي شجرة العنب وقال ابن جريج شجرة التين وقال قتادة شجرة العلم وفيها من كل شيء وقال علي شجرة الكافور (فتكونا) فتصيرا (من الظالمين) أي الضاربين بأنفسكما بالمعصية وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»