تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٦٧
الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) يعني أمر محمد صلى الله عليه وسلم (وإياي فارهبون) فخافوني في نقض العهد وأثبت يعقوب الياآت المحذوفة في الخط مثل فارهبون فاتقون واخشون والآخرون يحذفونها على الخط 41 (وآمنوا بما أنزلت) يعني القرآن (مصدقا لما معكم) أي موافقا لما معكم من التوراة في التوحيد والنبوة والأخبار ونعت النبي صلى الله عليه وسلم نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه من علماء اليهود ورؤسائهم (ولا تكونوا أول كافر به) أي بالقرآن يريد من أهل الكتاب لأن قريشا كفرت قبل اليهود بمكة معناه ولا تكونوا أول من كفر بالقرآن فتتابعكم اليهود على ذلك فتبوؤا بآثامكم وآثامهم (ولا تشتروا) أي ولا تستبدلوا (بآياتي) ببيان صفة محمد صلى الله عليه وسلم (ثمنا قليلا) أي عوضا يسيرا من الدنيا وذلك أن رؤساء اليهود وعلماءهم كانت لهم مأكلة يصيبونها من سفلتهم وجهالهم يأخذون كل عام منهم شيئا معلوما من زروعهم وضروعهم ونقودهم فخافوا أنهم إن بينوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وتابعوه أن تفوتهم تلك المأكلة فغيروا نعته وكتموا اسمه فاختاروا الدنيا على الآخرة (وإياي فاتقون) فاخشوني 42 (ولا تلبسوا الحق بالباطل) أي لا تخلطوا يقال لبس الثوب يلبس لبسا ولبس عليه الأمر يلبس لبسا أي خلط يقال لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفة محمد صلى الله عليه وسلم والأكثرون على أنه أراد لا تلبسوا الإسلام باليهودية والنصرانية وقال مقاتل إن اليهود أقروا ببعض صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكتموا بعضا ليصدقوا في ذلك فقال ولا تلبسوا الحق الذي تغيرون بالباطل يعني بما تكتمونه فالحق بيانهم والباطل كتمانهم (وتكتموا الحق) أي لا تكتموه يعني نعت محمد صلى الله عليه وسلم (وأنتم تعلمون) أنه نبي مرسل 43 (وأقيموا الصلاة) يعني الصلوات الخمس بمواقيتها وحدودها (وآتوا الزكاة) أدوا زكاة أموالكم المفروضة فهي مأخوذة من زكاة الزرع إذا نما وكثر وقيل من تزكى أي تطهر وكلا المعنيين موجودان في الزكاة لأن فيها تطهير أو تنمية للمال (واركعوا مع الراكعين) أي صلوا مع المصلين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وذكر بلفظ الركوع لأن الركوع ركن من أركان الصلاة ولأن صلاة اليهود لم يكن فيها ركوع وكأنه قال صلوا صلاة ذات ركوع قيل وإعادته بعد قوله (وأقيموا الصلاة) لهذا أي صلوا مع الذين في صلواتهم ركوع فالأول مطلق في حق الكل وهذا في حق أقوام مخصوصين وقيل هذا حث على إقام الصلاة جماعة كأنه قال لهم صلوا مع المصلين الذين سبقوكم بالإيمان 44 أتأمرون الناس بالبر) أي بالطاعة نزلت في علماء اليهود وذلك أن الرجل منهم كان يقول لقريبه وحليفه من المؤمنين إذا سأله عن أمر محمد صلى الله عليه وسلم أثبت على دينه فإن أمره حق وقوله صدق وقيل هو خطاب لأخبارهم حيث أمروا أتباعهم بالتمسك بالتوراة ثم خالفوا وغيروا نعت محمد صلى الله عليه وسلم (وتنسون
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»