تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٥٩
سورة البقرة 28 29 أي فما دونها كما يقال فلان جاهل فيقال وفوق ذلك أي وأجهل (فأما الذين آمنوا) بمحمد والقرآن (فيعلمون أنه) يعني المثل هو (الحق) الصدق (من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا) أي بهذا المثل فلما حذف الألف واللام نصب على الحال والقطع ثم أجابهم فقال (يضل به كثيرا) من الكفار وذلك أنهم يكذبون فيزدادون ضلالا (ويهدي به) أي بهذا المثل (كثيرا) من المؤمنين فيصدقونه والإضلال هو الصرف عن الحق إلى الباطل وقيل هو الهلاك يقال ضل الماء في اللبن إذا هلك (وما يضل به إلا الفاسقين) الكافرين وأصل الفسق الخروج يقال فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها قال الله تعالى (ففسق عن أمر ربه) أي خرج ثم وصفهم فقال 27 (الذين ينقضون) يخالفون ويتركون وأصل النقض الكسر (عهد الله) أمر الله الذي عهد إليهم يوم الميثاق بقوله (ألست بربكم) (قالوا بلى) وقيل أراد به العهد الذي أخذه على النبيين وسائر الأمم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم في قوله (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) الآية وقيل أراد به العهد الذي عهد إليهم في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويبينوا نعته (من بعد ميثاقه) توكيده والميثاق العهد المؤكد (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) يعني الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الرسل عليهم السلام لأنهم قالوا (نؤمن ببعض ونكفر ببعض) وقال المؤمنون (لا نفرق بين أحد من رسله) وقيل أراد به الأرحام (ويفسدون في الأرض) بالمعاصي وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن (أولئك هم الخاسرون) المغبونون ثم قال لمشركي العرب على وجه التعجب 28 (كيف تكفرون بالله) بعد نصب الدلائل ووضوح البرهان ثم ذكر الدلائل فقال (وكنتم أمواتا) نطفا في أصلاب آبائكم (فأحياكم) في الأرحام والدنيا (ثم يميتكم) عند انقضاء آجالكم (ثم يحييكم) للبعث (ثم إليه ترجعون) أي تردون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم قرأ يعقوب (ترجعون) كل القرآن بفتح الياء والتاء على تسمية الفاعل 29 قوله تعالى (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) للحي لكي تعتبروا وتستدلوا وقيل لكي تنتفعوا (ثم استوى إلى السماء) قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف أي ارتفع إلى السماء وقال ابن كيسان
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»