تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٦٩
تعالى (والله ورسوله أحق أن يرضوه) ولم يقل يرضوهما لأن رضى الرسول داخل في رضى الله عز وجل وقال الحسين بن الفضل رد الكناية إلى الاستعانة (لكبيرة) أي لثقيلة (إلا على الخاشعين) يعني المؤمنين وقال الحسن الخائفين وقيل المطيعين وقال مقاتل بن حيان المتواضعين وأصل الخشوع السكون قال الله تعالى (وخشعت الأصوات للرحمن) فالخاشع ساكن إلى طاعة الله تعالى 46 (الذين يظنون) يستيقنون فالظن من الأضداد يكون شكا ويقينا كالرجاء يكون أمنا وخوفا (أنهم ملاقوا) معاينوا (ربهم) في الآخرة وهو رؤية الله تعالى وقيل المراد من اللقاء الصيرورة إليه (وإنهم إليه راجعون) فيجزيهم بأعمالهم 47 (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وإني فضلتكم على العالمين) أي عالمي زمانكم وذلك التفضيل وإن كان في حق الآباء ولكن يحصل به الشرف في حق الأبناء 48 (واتقوا يوما) واخشوا عقاب يوم (لا تجزي نفس) لا تقضي نفس (عن نفس شيئا) أي حقا لزمها وقيل لا تغني وقيل لا تكفي شيئا من الشدائد (ولا تقبل منها شفاعة) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب بالتاء لتأنيث الشفاعة وقرأ الباقون بالياء لأن الشفع والشفاعة بمعنى واحد كالوعظ والموعظة فالتذكير على المعنى والتأنيث على اللفظ كقوله تعالى (قد جاءتكم موعظة من ربكم) وقال في موضع آخر (فمن جاءه موعظة من ربه) أي لا تقبل منها شفاعة إذا كانت كافرة (ولا يؤخذ منها عدل) أي فداء وسمي به لأنه مثل المعدي والعدل والعدل المثل (ولا هم ينصرون) يمنعون من عذاب الله 49 (وإذ نجيناكم) أي أسلافكم وأجدادكم فاعتدها منة عليهم لأنهم نجوا بنجاتهم (من آل فرعون) أتباعه وأهل دينه وفرعون هو الوليد بن مصعب بن الريان وكان من القبط العماليق وعمر أكثر من أربعمائة سنة (يسومونكم) يكلفونكم ويذيقونكم (سوء العذاب) أشد العذاب وأسوأه وقيل يصرفونكم في العذاب مرة هكذا كالإبل السائمة في البرية وذلك أن فرعون جعل بني إسرائيل خدما وخولا وصنفهم في الأعمال فصنف يبنون وصنف يحرثون ويزرعون وصنف يخدمونه ومن لم يكن منهم في عمل وضع عليه الجزية قال وهب كانوا أصنافا في أعمال فرعون فذوو القوة ينحتون السواري من الجبال حتى قرحت أعناقهم ودبرت ظهورهم من قطعها ونقلها وطائفة ينقلون الحجارة وطائفة منهم يضربون اللبن ويطبخون الآخر وطائفة نجارون وحدادون والضعفة منهم يضرب عليهم الخراج ضريبة يؤدونها كل يوم فمن غربت عليه الشمس قبل أن يؤدي ضريبته غلت يمينه إلى عنقه شهرا والنساء يغزلن الكتان وينسجن وقيل تفسير قوله (يسومونكم سوء العذاب) ما بعده وهو قوله تعالى (يذبحون أبناءكم) فهو مذكور على وجه البدل من قوله (يسومونكم سوء
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»