تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٤٦
من الأرض ونركب بعضها على بعض وإنشاز الشيء رفعه وإزعاجه قال أنشزته فنشز أي رفعته فارتفع واختلفوا في معنى الآية فقال الأكثرون أراد به عظام حماره وقال السدي إن الله تعالى أحيا عزيرا ثم قال له انظر إلى حمارك قد هلك وبليت عظامه فبعث الله تعالى ريحا فجاءت بعظام الحمار من كل سهل وجبل وقد ذهبت بها الطير والسباع فاجتمعت فركب بعضها في بعض وهو ينظر فصار حمارا من عظام ليس فيه لحم ولا دم (ثم نكسوها لحما) ثم كسى العظام لحما فصار حمارا لا روح فيه ثم أقبل ملك يمشي حتى أخذ بمنخر الحمار فنفخ فيه فقام الحمار ونهق بإذن الله وقال قوم أراد به عظام هذا الرجل ذلك أن الله تعالى لم يمت حماره بل أماته هو فأحيا الله عينيه ورأسه وسائر جسده ميت ثم قال انظر إلى حمارك فنظر فرأى حماره قائما واقفا كهيئة يوم ربطه حيا لم يطعم ولم يشرب مائة ونظر إلى الرمة في عنقه جديدة لم تتغير وتقدير لآية وانظر إلى حمارك وانظر إلى عظامك كيف ننشزها وهذا قول قتادة عن كعب والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما والسدي عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما لما أحيا الله تعالى عزيرا بعدما أماته مائة سنة ركب حماره حتى أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت عرفته وعلقته فقال لها عزير يا هذه هذا منزل عزير قالت نعم هذا منزل عزير وبكيت وقالت ما رأيت أحدا من كذا وكذا سنة تذكر عزيرا قال فإني أنا عزير قالت سبحان الله فإن عزيرا قد فقدناه من مائة سنة لم نسمع له بذكر قال فإني أنا عزير كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني قالت فإن عزيرا كان رجلا مستجاب الدعوة ويدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية فادع الله أن يرد لي بصري حت أراك فإن كنت عزيرا عرفتك فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتها وأخذ بيدها وقال قومي بإذن الله تعالى فأطلق الله رجليها فقامت صحيحة فنظرت إليه فقالت أشهد أنك عزير فانطلقت إلى بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم وابن لعزير شيخ كبير ابن مائة سنة وثمانية عشرة سنة وبو بنيه شيوخ في المجلس فناديت هذا عزير قد جاءكم فكذبوها فقالت أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي وزعم أن الله كان أماته مائة سنة ثم بعثه فنهض الناس فأقبلوا إليه فقال ولده كان لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير وقال السدي والكلبي لما رجع عزير إلى قومه وقد أحرق بختنصر التوراة ولم يكن من الله عهد بين الخلق فبكى عزير على التوراة فأتاه ملك بإناء فيه ماء فسقاه من ذلك الماء فمثلت التوراة في صدره فرجع إلى بني إسرائيل وقد علمه الله التوراة وبعثه نبيا فقال أنا عزير فلم يصدقوه فقال إني عزير قد بعثني الله إليكم لأجدد لكم توراتكم قالوا أملها علينا فأملاها عليهم عن ظهر قلبه فقالوا ما جعل الله التوراة في صدر رجل بعدما ذهبت إلا أنه ابنه فقالوا عزير ابن الله وستأتي القصة في سورة براءة إن شاء الله تعالى (فلما تبين له) ذلك عيانا (قال أعلم) قرأ حمزة والكسائي مجزوما موصولا على الأمر على معنى قال الله تعالى له اعلم وقرأ الآخرون (أعلم) بقطع الألف ورفع الميم على الخبر عن عزير أنه قال لما رأى ذلك أعلم (أن الله على كل شيء قدير)
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»