استفتيك في شأن أهلي فقال له أرمياء أما طهرت أخلاقهم لك بعد قال يا نبي الله والذي بعثك بالحق ما أعلم كرامة يأتيهم أحد من الناس إلا رحمة إلا قدمتها إليهم وأفضل فقال له النبي أرمياء عليه السلام ارجع فأحسن إليهم واسأل الله الذي يصلح عباده الصالحين أن يصلحهم فانصرف الملك فمكث أياما وقد نزل بختنصر وجنوده حول بيت المقدس بأكثر من الجراد ففزع منهم بنو إسرائيل فقال ملكهم لأرمياء يا نبي الله أين ما وعدك الل قال إني بربي واثق ثم أقبل الملك إلى أرمياء وهو قاعد على جدار بيت المقدس يضحك ويستبشر بنصر ربه الذي وعده فقعد بين يديه فقال له أرمياء من أنت فقال أنا الذي أتيتك في شأن أهلي مرتين فقال النبي ألم يأن لهم أن يفيقوا من الذي هم في فقال الملك يا نبي الله كل شيء كان يصيبني منهم قبل اليوم كنت أصبر عليه فاليوم رأيتهم في عمل لا يرضي الله فقال النبي على أي عمل رأيتهم قال على عمل عظيم من سخط الله فغضبت لله وأتيتك لأخبرك وإني أسألك بالله الذي بعثك بالحق نبيا إلا ما دعوت الله عليهم ليهلكهم فقال أرمياء يا مالك السماوات والأرض إن كانوا على حق وصواب فأبقهم وإن كانوا على عمل لا ترضاه فأهلكهم فلما خرجت الكلمة من في أرمياء أرسل الله صاعقة من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبوابها فلما رأى ذلك أرمياء صاح وشق ثيابه ونبذ الرماد على رأسه وقال يا مالك السماوات والأرض أين ميعادك الذي وعدتني به فنودي أنه لم يصيبهم ما أصابهم إلا بفتياك ودعائك فاستيقن النبي عليه السلام أنها فتياه وأن ذلك السائل كان رسول ربه فطار أرمياء حتى خالط الوحوش ودخل بختنصر وجنوده بيت المقدس ووطئ الشام وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم وخرب بيت المقدس ثم أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا فيقذفه في بيت المقدس ففعلوا حتى ملؤوه ثم أمرهم أن يجمعوا من كان في بلدان بيت المقدس فاجتمع عندهم صغيرهم وكبيرهم من بني إسرائيل فاختار منهم سبعين ألف صبي فقسمهم بين الملوك الذين كانوا معه فأصاب كل رجل منهم أربعة غلمة وكان من أولئك الغلمان دانيال وحنانيا وفرق من بقي من بني إسرائيل ثلاث فرق فثلثا قتلهم وثلثا سباهم وثلثا أقرهم بالشام وكانت هذه الوقعة الأولى التي أنزلها الله في بني إسرائيل بظلمهم فلما ولى عنهم بختنصر راجعا إلى بابل ومعه سبايا بني إسرائيل أقبل أرمياء على حماره ومعه عصير عنب في ركوة وسلة تين حتى غشي إيلياء فلما وقف عليها ورأى خرابها قال (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) وقال الذي قال إن المار كان عزيرا وإن بختنصر لما خرب بيت المقدس وقدم بسبي بني إسرائيل ببابل كان فيهم عزير ودانيال وسبعة آلاف من أهل بيت داود فلما نجا عزير من بابل ارتحل على حمار له حتى نزل دير هرقل على شط دجلة فطاف في القرية فلم ير فيها أحدا وعامة شجرها حاصل فأكل من الفاكهة واعتصر من العنب فشرب منه وجعل فضل الفاكهة في سلة وفضل العصير في زق فلما رأى خراب القرية وهلاك أهلها قال (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) قالها تعجبا لا شكا في البعث رجعنا إلى حديث وهب قال ثم ربط أرمياء حماره بحبل جديد فألقى الله تعالى عليه النوم فلما نام وع الله منه الروح مائة عام وأمات حمار وعصيره وتين عنده فأعمى الله عنه العيون فلم يره أحد وذلك ضحى ومنع الله السباع والطير
(٢٤٤)