تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٤٨
الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ورحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبث في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي \ وأخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث عن حرملة بن يحيى عن وهب بهذا الإسناد مثله وقال \ نحن أحق بالشك من إبراهيم (إذ قال رب أرني كيف تحيي الموتى) \ حكى محمد بن إسحاق بن خزيمة عن أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني أنه قال على هذا الحديث لم يشك النبي صلى الله عليه وسلم ولا إبراهيم في أن الله قادر على أن يحيي الموتى وإنما شكا في أنه هل يجيبهما إلى ما سالا وقال أبو سليمان الخطابي ليس في قوله \ نحن أحق بالشك من إبراهيم \ اعتراف بالشك على نفسه ولا على إبراهيك ولكن فيه نفي الشك عنهما بقول إذا لم أشك أنا في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى فإبراهيم أولى بأن لا يشك وقال ذلك على سبيل التواضع والهضم من النفس وكذلك قوله \ لو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي \ وفيه الإعلام أن المسئلة من إبراهيم عليه لم تعرض من جهة الشك ولكن من قبل زيادة العلم بالعيان فإن العيان يفيد من المعرفة والطمأنينة مالا يفيده الاستدلال وقيل لما نزلت هذه الآية قال قوم شك إبراهيم ولم يشك نبينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول تواضعا منه وتقديما لإبراهيم على نفسه قوله أولم تؤمن معناه قد آمنت فلم تسال شهد له بالإيمان كقول جرير (ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطول راح) يعني أنتم كذلك ولكن ليطمئن قلبي بزيادة اليقين (قال فخذ أربعة من الطير) قال مجاهد وعطاء وابن جريج أخذ طاوسا وديكا وحمامة وغرابا وحكي عن ابن عباس رضي الله عنه ونسرا بدل الحمامة وقال عطاء الخراساني أوحى إليه أن خذ بطة خضراء وغرابا أسود وحمامة بيضاء وديكا أحمر (فصرهن إليك) قرأ أبو جعفر وحمزة (فصرهن إليك) بكسر الصاد أي قطعهن ومزقهن يقال صار تصير صيرا إذا قطع وأنصار الشيء انصيارا إذا انقطع قال الفراء هو مقلوب من صريت أصري صريا إذا قطعت وقرأ الآخرون (فصرهن) بضم الصاد ومعناه أملهن إليك ووجههن يقال صرت الشيء أصوره إذا أملته ورجل أصور إذا كان مائل العنق وقال عطاء معناه اجمعهن واضممهن إليك يقال صار يصور صورا إذا اجتمع ومنه قيل لجماعة النحل صور من فسره بالإمالة والضم قال فيه إضمار معناه فصرهن إليك ثم قطعهن فحذفه اكتفاء بقوله ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا لأنه يدل عليه وقال أبو عبيدة فصرهن معناه قطعهن أيضا والصور القطع قوله تعالى (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا) قرأ عاصم برواية أبي بكر (جزءا) مثقلا مهموزا والآخرون بالتخفيف والهمزة وقرأ أبو جعفر مشددا الزاي بلا همز وأراد بعض الجبال قال المفسرون أمر الله إبراهيم أن يذبح تلك الطيور وينتف ريشها ويقطعها ويخلط ريشها ودماءها ولحومها بعضها ببعض ففعل ثم أمره أن يجعل أجزاءها على الجبال واختلفوا في عدد الأجزاء والجبال فقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة أمر أن يجعل كل طائر أربعة أجزاء ويجعلها على أربعة أجبل على كل جبل ربعا من كل طائر وقيل جبل على جانب الشرق وجبل على جانب الغرب وجبل على الشمال وجبل
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»