تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
إلا الحشيش والحطب وكل ثمرة أوجبنا فيها الزكاة فإنما يجب ببدو الصلاح ووقت الإخراج بعد الاجتناء والجفاف وكل حب أو جبن فيه العشر فوقت وجوبه اشتداد الحب ووقت الإخراج بعد الدياسة والتنقية ولا يجب العشر في شيء منها حتى تبلغ خمسة أوسق عند أكثر أهل العلم وعند أبي حنيفة رحمه الله يحب في كل قليل وكثير منها واحتج من شرط النصاب بما أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \ ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة وليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمسة ذود من الإبل صدقة \ وروى يحيى بن عبادة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ ليس في حب ولا تمر صدقة حتى تبلغ خمسة أوسق \ وقال قوم الآية في صدقات التطوع أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جفر الزياتي أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا يحيى أخبرنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ ما من مؤمن يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كان له صدقة \ قوله تعالى (ولا تيمموا) قرأ ابن عامر برواية البزي بتشديد التاء في الوصل فيها وفي أخواتها وهي إحدى وثلاثون موضعا في القرآن لأنه في الأصل تاءان أسقطت إحداهما فرد هو الساقطة وأدغم وقرأ الآخرون بالتخفيف ومعناه لا تقصدوه (الخبيث منه تنفقون) روي عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازي قال كانت الأنصار تخرج إذا كان جذاذ النخل أقناء من التمر والبسر فيعلقونه على حبل بين الأسطوانتين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل منه فقراء المهاجرين فكان الرجل منهم يعلم فيدخل قنو الحشف وهو يظن أنه جائز عنه في كثرة ما يوضع من الأقناء فنزل فيمن فعل ذلك ولا تيمموا الخبيث أي الحشف والرديء وقال الحسن ومجاهد والضحاك كانوا يتصدقون بشرار ثمارهم ورزالة أموالهم ويعملون الجيد ناحية لأنفسهم فأنزل الله تعالى (ولا تيمموا الخبيث) الرديء منه تنفقون (ولستم بآخذيه) يعني الخبيث (إلا أن تغمضوا فيه) الإغماض غض البصر وأراد ههنا التجويز والمساهلة معناه لو كان لأحدكم على رجل حق فجاءه بهذا لم يأخذه إلا وهو يرى أنه قد أغمض له عن حقه وتركه قال الحسن وقتادة لو وجدتموه يباع في السوق ما أخذتموه بسعر الجيد وروي عن البراء قال لو أهدي ذلك لكم ما أخذتموه إلا على استحياء
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»