سورة البقرة 250 طالوت (إن الله مبتليكم بنهر) مختبركم ليرى طاعتكم وهو أعلم (بنهر) قال ابن عباس والسدي هو نهر فلسطين وقال قتادة نهر بين أردن وفلسطين عذب (فمن شرب منه فليس مني) أي من أهل ديني وطاعتي (ومن لم يطعمه) لم يشربه (فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده) قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو (غرفة) بفتح الغين وقرأ الآخرون بالضم وهما لغتان قال الكسائي الغرفة بالضم الذي يحصل في الكف من الماء إذا غرف والغرفة بالفتح الاغتراف فالضم اسم والفتح مصدر (فشربوا منه إلا قليلا منهم) نصب على الاستثناء واختلفوا في القليل الذين لم يشربوا فقال السدي كانوا أربعة آلاف وقال غيره ثلاثمائة وبضعة عشر وهو الصحيح لما أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد الله بن رجاء أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن وهم بضعة عشر وثلاثمائة وروي ثلاثمائة وثلاثة عشر فلما وصلوا إلى النهر وقد ألقى الله عليهم العطش فشرب منه الكل إلا هذا العدد القليل فمن اغترف غرفة كما أمر الله قوي قلبه وصح إيمانه وعبر النهر سالما وكفته تلك الغرفة الواحدة لشربه وحمله ودوابه والذين شربوا وخالفوا أمر الله اسودت شفاههم وغلبهم العطش فلم يرووا وبقوا على شط النهر وجبنوا عن لقاء العدو فلم يجاوزوا ولم يشهدوا الفتح وقيل كلهم جاوزوا ولكن لم يحضر القتال إلا الذين لم يشربوا (فلما جاوزه) يعني النهر (هو) يعني طالوت (والذين آمنوا معه) يعني القليل (قالوا) يعني الذين شربوا وخالفوا أمر الله وكانوا أهل شك ونفاق (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) قال ابن عباس رضي الله عنهما والسدي فانحرفوا ولم يجاوزوا (قال الذين يظنون) يستيقنون (أنهم ملاقوا الله) وهم الذين ثبتوا مع طالوت (كم من فئة) جماعة وهي جمع لا واحد له من لفظه وجمعها فئات وفؤن في الرفع وفئين في الخفض والنصب (قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) بقضائه وقدره وإرادته (والله مع الصابرين) بالنصر والمعونة 250 (ولما برزوا) يعني طالوت وجنوده يعني المؤمنين (لجالوت وجنوده) المشركين ومعنى برزوا صاروا بالبراز من الأرض وهو ما ظهر واستوى منها (قالوا ربنا أفرغ علينا) أنزل واصبب (صبرا وثبت أقدامنا) قو قلوبنا (وانصرنا على القوم الكافرين)
(٢٣١)