تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٢٩
عند آدم إلى أن مات ثم بعد ذلك عند شيث ثم توارثه أولاد آدم إلى أن بلغ إبراهيم ثم كان عند إسماعيل لأنه كان أكبر ولده ثم عند يعقوب ثم كان في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى فكان موسى يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه فكان عنده إلى أن مات موسى عليه السلام ثم تداولته أنبياء بني إسرائيل إلى وقت اشمويل وكان فيه ذكر الله تعالى (فيه سكينة من ربكم) اختلفوا في السكينة ما هي قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ريح خجوج هفافة لها رأسان ووجه كوجه الإنسان وعن مجاهد شيء يشبه الهرة له رأس كرأس الهرة وذنب كذنب الهرة وله جناحان وقيل له عينان لهما شعاع وجناحان من زمرد وزبرجد فكانوا إذا سمعوا صوته تيقنوا بالنصرة وكانوا إذا خرجوا وضعوا التابوت قدامهم فإذا سار ساروا وإذا وقف وقفوا وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال هي طشت من ذهب من الجنة كان يغسل فيه قلوب الأنبياء وعن وهب بن منبه قال هي روح من الله يتكلم إذا اختلفوا في شيء يخبرهم ببيان ما يريدون وقال عطاء بن أبي رباح هي ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها وقال قتادة والكلبي السكينة فعيلة من السكون أي طمأنينة من ربكم ففي أي مكان كان التابوت اطمأنوا إليه وسكنوا (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) يعني موسى وهارون نفسهما كان فيه لوحان من التوراة ورضاض الألواح التي تكسرت وكان فيه عصا موسى ونعلاه وعمامة هارون وعصاه وقفير من المن الذي كان ينزل على بني إسرائيل فكان التابوت عند بني إسرائيل وكانوا إذا اختلفوا في شيء تكلم وحكم بينهم وإذا حضروا القتال قدموه بين أيديهم فيستفتحون به على عدوهم فلما عصوا وأفسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبهم على التابوت وكان السبب في ذلك أنه كان لعيلى العالم الذي ربى اشمويل عليه السلام ابنان شابان وكان عيلى حبرهم وصاحب قربانهم فأحدث ابناه في القربان شيئا لم يكن فيه وذلك أنه كان لعيلى منوط القربان الذي كانوا ينوطونه به كلابين فما أخرجا كان للكاهن الذي ينوطه فجعل ابناه كلاليب وكان النساء يصلين في بيت المقدس فيتشبثان بهن فأوحى الله تعالى إلى اشمويل عليه السلام انطلق إلى عيلى فقل له منعك حب الولد من أن تزجر ابنيك عن أن يحدثا في قرباني وقدسي شيئا وأن يعصياني فلأنزعن الكهانة منك ومن ولدك ولأهلكنك وإياهم فأخبر اشمويل عيلى بذلك ففزع فزعا شديدا فصار إليهم عدو ممن حولهم فأمر ابنيه أن يخرجا بالناس فيقاتلا ذلك العدو فخرجا وأخرجا معهما التابوت فلما تهيؤا للقتال جعل عيلى يتوقع الخبر ماذا صنعوا فجاءه رجل وهو قاعد على كرسيه فقال إن الناس قد انهزموا وإن ابنيك قد قتلا قال فما فعل التابوت قال ذهب به العدو فشهق ووقع على قفاه من كرسيه ومات فخرج أمر بني إسرائيل وتفرقوا إلى أن بعث الله طالوت ملكا فسألوه البينة فقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت وكانت قصة التابوت أن الذين سبوا التابوت أتوا به قرية من قرى فلسطين يقال لها ازدود وجعلوه في بيت صنم لهم ووضعوه تحت الصنم الأعظم فأصبحوا من الغد والصنم تحته فأخذوه ووضعوه فوقه وشمروا قدمي الصنم على التابوت فأصبحوا وقد قطعت يد الصنم ورجلاه وأصبح ملقى تحت التابوت وأصبحت أصنامهم منكسة فأخرجوه من بيت الصنم ووضعوه في ناحية من مدينتهم فأخذ أهل تلك الناحية وجع في أعناقهم حتى هلك أكثرهم فقال بعضهم لبعض
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»