تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٣٢
سورة البقرة 251 (فهزموهم بإذن الله) أي بعلم الله تعالى (وقتل داود جالوت) وصفة قتله قال أهل التفسير عبر النهر مع طالوت فيمن عبر إيشا أبو داود في ثلاثة عشر ابنا له وكان داود أصغرهم وكان يرمي بالقذافة فقال لأبيه يوما يا أبتاه ما أرمي بقذافتي شيئا إلا صرعته فقال له أبشر يا بني فإن الله جعل رزقك في قذافتك ثم أتاه مرة أخرى فقال يا أبتاه لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبته فأخذت بأذنيه فلم يهجني فقال أبشر يا بني فإن هذا خير يريده الله بك ثم أتاه يوما آخر فقال يا أبتاه إني لأمشي بين الجبال فأسبح فما يبقى جبل إلا سبح معي فقال أبشر يا بني فإن هذا خير أعطاكه الله تعالى فأرسل جالوت إلى طالوت أن ابرز لي أو أبرز إلي من يقاتلني فإن قتلني فلكم ملكي وإن قتلته فلي ملككم فشق ذلك على طالوت فنادى في عسكره من قتل جالوت زوجته ابنتي وناصفته ملكي فهاب الناس جالوت فلم يجبه أحد فسأل طالوت نبيهم أن يدعوا الله تعالى فدعاه الله في ذلك فأتى بقرن في دهن القدس وتنور في حديد فقيل إن صاحبكم الذي يقتل جالوت هو الذي يوضع هذا القرن على رأسه فيغلي الدهن حتى يدهن منه رأسه ولا يسيل على وجهه بل يكون على رأسه كهيئة الإكليل ويدخل في هذا التنور فيملؤه ولا يتقلقل فيه فدعا طالوت بني إسرائيل فجربهم فلم يوافقه منهم أحد فأوحى الله إلى نبيهم أن في ولد إيشا من يقتل الله به جالوت فدعا طالوت إيشا فقال أعرض علي بنيك فأخرج الله اثني عشر رجلا أمثال السواري فجعل يعرضهم على القرن فلا يرى شيئا فقال لإيشا هل بقي لك ولد غيرهم فقال لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا رب إنه زعم أن لا ولد له غيرهم فقال كذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن ربي كذبك فقال صدق الله يا نبي الله إن لي ابنا صغيرا يقال له داود استحييت أن يراه الناس لقصر قامته وحقارته فخلفته في الغنم يرعاها وهو في شعب كذا وكذا وكان داود درجلا قصيرا مسقاما مصفارا أزرق أمعر فدعاه طالوت ويقال بل خرج طالوت إليه فوجد الوادي قد سال بينه وبين الزريبة التي كان يريح إليها فوجده يحمل شاتين يجيز بهما السيل ولا يخوض بهما الماء فلما رآه قال هذا هو لا شك فيه هذا يرحم البهائم فهو بالناس أرحم فدعاه ووضع القرن على رأسه ففاض فقال طالوت هل لك أن تقتل جالوت وأزوجك ابنتي وأجري خاتمك في ملكي قال نعم قال وهل انست من نفسك شيئا تتقوى به على قتله قال نعم أنا أرعى الغنم فيجيء الأسد أو النمر أو الذئب فيأخذ شاة فأقوم إليه فأفتح لحييه عنها وأخرجها من قفاه فأخذ طالوت داود ورده إلى عسكره فمر داود عليه السلام في طريقه بحجر فناداه الحجر يا داود احملني فإني حجر هارون الذي قتل بي ملك كذا وكذا فحمله في مخلاته ثم مر بحجر آخر فقال احملني فإني حجر موسى الذي قتل بي مالك كذا وكذا فحمله في مخلاته ثم مر بحجر آخر فقال احملني فإني حجرك الذي تقتل بي جالوت فوضعها في مخلاته فلما تصافوا للقتال وبرز جالوت
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»