تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٢٨
سورة البقرة 248 ملكا فأتى بعصا وقرن فيه دهن القدس وقيل له إن صاحبكم الذي يكون طوله طول هذه العصا وانظر هذا القرن الذي فيه الدهن فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي في القرن فهو ملك بني إسرائيل فادهن به رأسه وملكه عليهم وكان طالوت اسمه بالعبرانية ساول بن قيس من أولاد بنيامين بن يعقوب سمي طالوت لطوله وكان أطول من كل أحد برأسه ومنكبيه وكان رجلا دباغا يعمل الأديم قاله وهب وقال السدي كان رجلا سقاء يسقي على حمار له من النيل فضل حماره فخرج في طلبه وقال وهب بل ضلت حمر لأبي طالوت فأرسله وغلاما له في طلبها فمرا ببيت أشمويل عليه السلام فقال الغلام لطالوت لو دخلنا على هذا النبي فسألناه عن أمر الحمر ليرشدنا ويدعو لنا فدخلا عليه فبينما هما عنده يذكران له حاجتهما إذ نش الدهن الذي في القرن فقام اشمويل عليه السلام فقاس طالوت بالعصا فكانت طوله فقال لطالوت قرب رأسك فقربه فدهنه بدهن القدس ثم قال له أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله تعالى أن أملكه عليهم فقال طالوت أما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني إسرائيل وبيتي أدنى بيوت بني إسرائيل قال بلى قال فبأي آية قال بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره فكان كذلك ثم قال لبني إسرائيل إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا (قالوا أنى يكون له الملك علينا) أي من أين يكون له الملك علينا (ونحن أحق) أولى (بالملك منه) وإنما قالوا ذلك لأنه كان في بني إسرائيل سبطان سبط النبوة وسبط المملكة فكان سبط النبوة سبط لاوى بن يعقوب ومنه كان موسى وهارون وسبط المملكة سبط يهوذا بن يعقوب ومنه كان داود وسليمان ولم يكن طالوت من أحدهما إنما كان من سبط بنيامين بن يعقوب وكانوا عملوا ذنبا عظيما كانوا ينكحون النساء على ظهر الطريق نهارا فغضب الله تعالى عليهم ونزع الملك والنبوة عنهم وكانوا يسمونه سبط الإثم فلما قال لهم نبيهم ذلك أنكروا عليه لأنه لم يكن من سبط المملكة ومع ذلك قالوا هو فقير (ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه) اختاره (عليكم وزاده بسطة) فضيلة وسعة (في العلم والجسم) وذلك أنه كان أعلم بني إسرائيل في وقته وقيل إنه أتاه الوحي حين أوتي الملك وقال الكلبي (وزاده بسطة) فضيلة وسعة في العلم بالحرب وفي الجسم بالطول وقيل الجسم بالجمال وكان طالوت أجمل رجل في بني إسرائيل وأعلمهم (والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم) قيل الواسع ذو السعة وهو الذي يعطي عن غنى والعليم العالم وقيل العالم بما كان والعليم بما يكون فقالوا له فما آية ملكه فقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت 248 فذلك قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت) وكانت قصة التابوت أن الله تعالى أنزل تابوتا على آدم فيه صورة الأنبياء عليهم السلام وكان من عود الشمشاد نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين فكان
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»