تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٢٧
سورة البقرة 247 أحدا فدعاه جبريل بلحن الشيخ يا أشمويل فقام الغلام فزعا إلى الشيخ فقال يا أبتاه دعوتني فكره الشيخ أن يقول لئلا يفزع الغلام وقال يا بني ارجع فنم فرجع الغلام فنام ثم دعاه الثانية فقال الغلام يا أبت دعوتني فقال ارجع فنم فإن دعوتك الثالثة فلا تجبني فلما كانت الثالثة ظهر له جبريل فقال له اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك فإن الله قد بعثك فيهم نبيا فلما أتاهم كذبوه وقالوا استعجلت بالنبوة ولم تنلك وقالوا له إن كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله آية من نبوتك وإنما كان قوام أمر بني إسرائيل بالاجتماع على الملوك وطاعة الملوك لأنبيائهم فكان الملك هو الذي يسير بالجموع والنبي يقيم له أمره ويشير عليه برشده ويأتيه بالخبر من ربه قال وهب بن منبه بعث الله تعالى أشمويل نبيا فلبثوا أربعين سنة بأحسن حال ثم كان من أمر جالوت والعمالقة ما كان فقالوا لاشمويل (ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله) جزم على جواب الأمر فلما قالوا له ذلك (قال هل عسيتم) استفهام شك يقول لعلكم قرأ نافع (عسيتم) بكسر السين كل القرآن وقرأ الباقون بالفتح وهي اللغة الفصيحة بدليل قوله تعالى (عسى ربكم) (إن كتب) فرض (عليكم القتال) من ذلك الملك (أن لا تقاتلوا) أن لا تفوا بما تقولون ولا تقاتلوا معه (قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله) فإن قيل فما وجه دخول أن في هذا الموضع والعرب لا تقول مالك أن لا تفعل وإنما يقال ما لك لا تفعل قيل دخول أن وحذفها لغتان صحيحتان فالاثبات كقوله تعالى (ما لك أن لا تكون مع الساجدين) والحذف كقوله تعالى (ما لكم لا تؤمنون بالله) وقال الكسائي معناه وما لنا في أن لا نقاتل فحذف في وقال الفراء أي وما يمنعنا أن لا نقاتل في سبيل الله كقوله تعالى (ما منعك أن لا تسجد) وقال الأخفش أن ههنا زائدة معناه وما لنا لا نقاتل في سبيل الله (وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) أي أخرج من غلب عليهم من ديارهم ظاهر الكلام العموم وباطنه الخصوص لأن الذين قالوا لنبيهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله كانوا في ديارهم وأوطانهم وإنما أخرج من أسر منهم ومعنى الآية أنهم قالوا مجيبين لنبيهم إنما كنا نزهد في الجهاد إذ كنا ممنوعين في بلادنا لا يظهر علينا عدونا فأما إذا بلغ ذلك منا فنطيع ربنا في الجهاد ونمنع نساءنا وأولادنا قال الله تعالى (فلما كتب عليهم القتال تولوا) أعرضوا عن الجهاد وضيعوا أمر الله (إلا قليلا منهم) وهم الذين عبروا النهر مع طالوت واقتصروا على الغرفة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى (والله عليم بالظالمين) 247 (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) وذلك أن أشمويل سأل الله تعالى أن يبعث لهم
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»