تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢١٨
على وحشة الفراق فعلى هذا القول لا متعة إلا لواحدة وهي المطلقة قبل الفرض والمسيس وعلى القول الثاني لكل مطلقة متعة إلا لواحدة وهي المطلقة بعد الفرض قبل المسيس قال عبد الله بن عمر لكل مطلقة متعى إلا التي فرض لها ولم يمسها زوجها فحسبها نصف المهر قال الزهري متعتان يقضي بإحداهما السلطان ولا يقضي بالأخرى بل يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى فأما التي يقضي بها السلطان فهي المطلقة قبل الفرض والمسيس وهو قوله تعالى (حقا على المحسنين) والتي تلزمه فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقضي بها السلطان فهي المطلقة بعد المسيس وهو قوله تعالى (حقا على المتقين) وذهب الحسن وسعيد بن جبير إلى أن لكل مطلقة متعة سواء كان قبل الفرض والمسيس أو بعد الفرض قبل المسيس لقوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) ولقوله تعالى في سورة الأحزاب (فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا) وقالا معنى قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة) أي أولم تفرضوا لهن فريضة وقال بعضهم المتعة غير واجبة والأمر بها أمر ندب واستحباب روي أن رجلا طلق امرأته وقد دخل بها فخاصمته إلى شريح في المتعة فقال شريح لا تأب أن تكون من المحسنين ولا تأب أن تكون من المتقين ولم يجبره على ذلك واختلفوا في قدر المتعة فروي عن ابن عباس أعلاها خادم وأوسطها ثلاثة أثواب درع وخمار وإزار ودون ذلك وقاية أو شيء من الورق وبه قال الشعبي والزهري وهذا مذهب الشافعي قال أعلاها على الموسع خادم وأوسطها ثوب وأقلها ماله ثمن حسن ثلاثون درهما وطلق عبد الرحمن بن عوف امرأته وجمعها جارية سوداء أي متعها ومتع الحسن بن علي رضي الله عنه امرأة له بعشرة آلاف درهم فقالت متاع قليل من حبيب مفارق وقال أبو حنيفة رحمه الله مبلغها إذا اختلف الزوجان قدر نصف مهر مثلها لا يجاوز والآية تدل على أنه يعتبر حال الزوج في العسر واليسر ومن حكم الآية أن من تزوج امرأة بالغة برضاها على غير مهر يصح النكاح وللمرأة مطالبته بأن يفرض لها صداقا فإن دخل بها قبل الفرض فلها عليه مهر مثلها وإن طلقها قبل الفرض والدخول فلها المتعة وإن مات أحدهما قبل الفرض والدخول فاختلف أهل العلم في أنها لا تستحق المهر أم لا فذهب جماعة إلى أنه لا مهر لها وهو قول علي وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس كما لو طلقها قبل الفرض والدخول وذهب قوم إلى أن لها المهر لأن الموت كالدخول في تقرير المسمى كذلك في إيجاب مهر المثل إذا لم يكن في العقد مسمى وهو قول الثوري وأصحاب الرأي واحتجوا بما روي عن علقمة عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات فقال ابن مسعود لها صداق نسائها ولا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل بن يسار الأشجعي فقال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بردع بنت واشق امرأة منا مثل ما قضيت ففرح بها ابن مسعود رضي الله عنه وقال الشافعي رحمه الله فإن ثبت حديث بردع بنت واشق فلا حجة في قول أحد دون قول النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يثبت فلا مهر لها ولها الميراث وكان علي يقول في حديث بردع لا تقبل قول أعرابي من أشجع على
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»