الحرام، فنزلت - يسألونك عن الشهر الحرام - إلى قوله - والفتنة أكبر من القتل - أي قد كانوا يقتلونكم وأنتم في حرم الله بعد إيمانكم، وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم بالله، قال الزهري: لما نزل هذا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير، وفادى الأسيرين ولما فرج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم طمعوا فيما عند الله من ثوابه، فقالوا: يا نبي الله أنطمع أن تكون غزوة ولا نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل الله؟ فأنزل الله تعالى فيهم؟ - إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا - الآية.
قال المفسرون: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم في جمادي الآخرة قبل قتال بدر بشهرين على رأس سبعة عشر شهرا من مقدمه المدينة، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين سعد بن أبي وقاص الزهري وعكاشة بن محصن الأسدي وعتبة بن غزوان السلمي وأبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسهيل بن بيضاء وعامر بن ربيعة وواقد بن عبد الله وخالد بن بكير، وكتب لأميرهم عبد الله بن جحش كتابا وقال: سر على اسم الله، ولا تنظر في الكتاب حتى تسير يومين، فإذا نزلت منزلين فافتح الكتاب واقرأه على أصحابك، ثم امض لما أمرتك، ولا تستكرهن أحدا من أصحابك على المسير معك، فسار عبد الله يومين، ثم نزل وفتح الكتاب، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك حتى تنزل بطن نخلة، فترصد بها عير قريش، لعلك أن تأتينا منه بخبر فلما نظر عبد الله الكتاب قال: سمعا وطاعة، وقال لأصحابه ذلك، وقال إنه قد نهاني أن أستكره واحدا منكم حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع وقد أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يتعقبانه، فاستأذنا أن يتخلفا في طلب بعيرهما، فأذن لهما فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله ببقية أصحابه حتى وصل بطن نخلة بين مكة والطائف، فبينما هم كذلك إذا مرت بهم عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة الطائف، فيهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله بن غيرة ونوفل بن عبد