شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا: فأقروا، فأنزل الله تعالى هذه الآية وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء.
أخبرنا أبو حسان المزكى قال: أخبرنا هارون بن محمد الاستراباذي قال: أخبرنا أبو محمد إسحاق بن محمد الخزاعي قال: أخبرنا أبو الوليد الأزرقي قال: حدثني جدي قال: أخبرنا عبد الجبار بن الورد المكي قال: أخبرنا ابن أبي مليكة قال: لما كان يوم الفتح رقى بلال ظهر الكعبة؟ فقال بعض الناس: يا عباد الله أهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة؟ فقال بعضهم: إن يسخط الله هذا يغيره، فأنزل الله تعالى - يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى - وقال يزيد بن الشخير: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ببعض الأسواق بالمدينة وإذا غلام أسود قائم ينادي عليه بياع فيمن يزيد، وكان الغلام يقول: من اشتراني فعلى شرط، قيل: ما هو؟ قال:
لا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتراه رجل على هذا الشرط، وكان يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند كل صلاة مكتوبة ففقده ذات يوم، فقال لصاحبه أين الغلام؟ فقال: محموم يا رسول الله، فقال لأصحابه: قوموا بنا نعوده، فقاموا معه فعادوه، فلما كان بعد أيام قال لصاحبه: ما حال الغلام؟ فقال:
يا رسول الله الغلام قورب به، فقام ودخل عليه وهو في نزعاته، فقبض على تلك الحال، فتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم غسله وتكفينه ودفنه، فدخل على أصحابه من ذلك أمر عظيم، فقال المهاجرون: هاجرنا ديارنا وأموالنا وأهلينا فلم ير أحد منا في حياته ومرضه وموته ما لقى هذا الغلام، وقالت الأنصار: آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا فآثر علينا عبدا حبشيا، فأنزل الله تبارك وتعالى - يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى - يعني أن كلكم بنو أب واحد وامرأة واحدة، وأراهم فضل التقوى بقوله تعالى - إن أكرمكم عند الله أتقاكم -.
* قوله تعالى: (قالت الاعراب آمنا) الآية. نزلت في أعراب من بني أسد.