وجدب من البلاد وشدة من الحر، حين أخرفت النخل وطابت الثمار، فعظم على الناس غزو الروم وأحبوا الظلال والمقام في المساكن والمال، وشق عليهم الخروج إلى القتال، فلما علم الله تثاقل الناس أنزل هذه الآية * قوله تعالى: (انفروا خفافا وثقالا) نزلت في الذين اعتذروا بالضيعة والشغل وانتشار الامر، فأبى الله تعالى أن يعذرهم دون أن ينفروا على ما كان منهم أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا إبراهيم بن علي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان عن أنس قال: قرأ أبو طلحة - انفروا خفافا وثقالا - فقال: ما أسمع الله عذر أحدا، فخرج مجاهدا إلى الشام حتى ما ت.
وقال السدى: جاء المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عظيما سمينا، فشكا إليه وسأله أن يأذن له، فنزلت فيه - انفروا خفافا وثقالا - فلما نزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس، فنسخها الله تعالى وأنزل - ليس على الضعفاء ولا على المرضى - الآية، ثم أنزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين قوله تعالى - لو كان عرضا قريبا - الآية. وقوله تعالى - لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا - وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج ضرب عسكره على ثنية الوداع، وضرب عبد الله بن أبي عسكره على ذي حده أسفل من ثنية الوداع، ولم يكن بأقل العسكرين، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أبي بمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، فأنزل الله تعالى يعزي نبيه - لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا - الآية.
* قوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لي) الآية. نزلت في جد بن قيس المنافق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تجهز لغزوة تبوك قال له:
يا أبا وهب هل لك في جلاد بني الأصفر تتخذ منهم سراري ووصفاء؟ فقال: