تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا أي صار الآن اللبن، كأن لم تكن قط بولا.
وسمعت (الحسين بن الحبيبي) قال: سمعت أبا زكريا العنبري يقول: معناه: إذ نجانا الله منها في سابق علمه وعند اللوح والقلم.
وقال بعضهم: كان شعيب ومن آمن معه في بدء أمرهم مستخفين ثم أظهروا أمرهم وإنما قال لهم قومهم " * (أو لتعودن في ملتنا) *) حسبوا أنهم على ملتهم (قيل: من هو معه) على أصحاب شعيب دون شعيب لأنهم كانوا كفارا ثم آمنوا بالخطاب لهم وجواب شعيب عنهم لا عن نفسه، لأن شعيبا لم يكن كافرا قط وإنما ناوله الخطاب في أصناف من فارق دينهم إليه.
ورأيت في بعض التفاسير أن الملة هاهنا الشريعة وكان عليه قبل نبوته فلما (نبئ) فارقهم.
ثم دعا شعيب على قومه إذ لمس ما فيهم فقال " * (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) *) أي اقض.
وقال (المؤرخ): افصل.
وقال ابن عباس: ما كنت أدري ما قوله " * (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) *) حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي أقاضيك.
وقال الفراء: أهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح. وذكر غيره أنه لغة مهاد. فأنشد لبعضهم:
ألا أبلغ بني عصم رسولا بأني عن فتاحتكم غني أي حكمكم. " * (وأنت خير الفاتحين) *) يعني الحاكمين " * (وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا) *) وتركتم دينكم " * (إنكم إذا لخاسرون) *) قال ابن عباس: مغبونون. قال عطاء: جاهلون. قال الضحاك: فجرة. " * (فأخذتهم الرجفة) *) قال الكلبي: الزلزلة.
قال ابن عباس: وغيره من المفسرين: فتح الله عليهم بابا من أبواب جهنم فأرسل عليهم ريحا وحرا شديدا، فأخذ بأنفاسهم فدخلوا أجواف البيوت فلم ينفعهم ظل ولا ماء فأنضجهم الحر فبعث الله عز وجل سحابة فيها ريح طيبة فوجدوا برد الريح بطيبها وظل السحابة فتنادوا