حقها فذلك فسادها، فلما بعث إليها شعيبا ودعاهم إلى الله صلحت الأرض وكل نبي بعث إلى قومه فهو يدعوهم لإصلاحهم الذي ذكرت لكم وأمرتكم به.
" * (خير لكم إن كنتم مؤمنين) *) مصدقين بما أقول " * (ولا تقعدوا بكل صراط) *) (يعني) في هذا الطريق كقوله: * (إن ربك لبالمرصاد) * * (توعدون) *) تهددون " * (وتصدون عن سبيل الله) *) دين الله " * (من آمن به وتبغونها عوجا) *) زيغا وذلك أنهم كانوا يجلسون على الطرق فيخبرون من قصد شعيبا ليؤمن به إن شعيبا كذاب. فلا يفتننك عن (ذلك) وكانوا يتوعدون المؤمنين بالقتل ويخوفونهم.
قال السدي وأبو روق: كانوا (جبارين). قال عبد الرحمن بن زيد: كانوا يقطعون الطريق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (رأيت ليلة أسري بي خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته فقلت ما هذا يا جبرائيل؟
قال: هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ثم تلا: * (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) * * (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم) *) (فكثر بينكم) * * (وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) *) يعني آخر قوم لوط " * (وإن كان طائفة منكم) *) إلى قوله تعالى " * (قال الملأ الذين استكبروا من قومه) *) يعني الروءساء الذين تعالوا عن الإيمان به " * (لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا) *) لترجعن إلى ديننا الذي نحن عليه وتدعون دينكم.
قال شعيب: " * (قال أولو كنا كارهين) *) لذلك يعني ولو كنا كارهين لذلك تجبروننا عليه فأدخلت الف الاستفهام على ولو " * (قد أفترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها) *) نرجع إليها بعد إذ أنقذنا الله منها " * (إلا أن يشاء الله ربنا) *) تقول إلا أن يكون سبق لنا في علم الله ومشيئته أن نعود فيها فيمضي حينئذ قضاء الله فينا (وينفذ) حكمه وعلمه علينا " * (وسع ربنا كل شيء علما) *) أحاط علمه بكل شيء فلا يخفى عليه شيء كان ولا شيء هو كائن " * (على الله توكلنا) *) فيما تتوعدوننا به.
واختلف العلماء في معنى قوله " * (أو لتعودن في ملتنا) *) وقوله " * (وما يكون لنا أن نعود فيها) *) فقال بعضهم: معناه أو لتدخلن فيها ولن تدخل (إلا) إن يشاء الله ربنا فيضلنا بعد إذ هدانا.
وسمعت أبا القاسم الحسين بن محمد الحبيبي يقول: سمعت علي بن مهدي الطبري بها يقول: إن عدنا في ملتكم أي صرنا، لا أن نعود، يكون ابتداء ورجوعا.
قال أمية بن أبي الصلت