قال محمد بن إسحاق: كانت لهم ثمار وقرى لم يكن في الأرض مثلها فقصدهم الناس فآذوهم فعرض لهم إبليس في صورة شيخ قال: إن (عضلتم) بهم كلهم أنجوتكم منهم فأبوا، فلما ألح الناس عليهم فعبدوهم فأصابوا غلمانا صباحا فأخبثوا وأستحكم فيهم ذلك.
وقال الحسن: كانوا لا ينكحون (إلا الرجال) وقال الكلبي: أول من عمل عمل قوم لوط إبليس الخبيث لأن بلادهم أخصبت فانتجعها أهل البلدان فتمثل لهم إبليس في صورة شاب ثم دعا (في) دبره فنكح في دبره ثم عتوا بذلك العمل فأكثر فيهم ذلك فعجت الأرض إلى ربها فسمعت السماء فعجت إلى ربها فسمع العرش فعج إلى ربه فأمر الله السماء أن تحصبهم وأمر الأرض أن تخسف بهم " * (وما كان جواب قومه) *) إذا قال لهم ذلك " * (إلا أن قالوا) *) قال بعضهم لبعض " * (أخرجوهم) *) لوطا وأهل دينه " * (من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) *) يتنزهون ويتحرجون عن إتيان أدبار الرجال وأدبار النساء " * (وأنجيناه) *) يعني لوطا " * (وأهله) *) المؤمنين به، وقيل: وأهله بنتاه: نعوذا وديثا.
" * (إلا امرأته) *) فاعلة فإنها " * (كانت من الغابرين) *) يعني الباقين في العذاب وقيل: معناه: كانت من الباقين والمعمرين قبل الهلاك الذين قد أتى عليهم عمرت دهرا طويلا فهرمت فيمن هرم من الناس. فهلكت مع من هلك من قوم لوط حين أتاهم العذاب. وإنما قال: (الغابرين) ولم يقل: الغابرات لأنه أراد أنها ممن بقي مع الرجال فلما ضم ذكرها إلى ذكر الرجال قيل: الغابرين. وقيل: له غبر يغبر غبورا، وغبر إذا بقي. قال الشاعر:
وأبي الذي فتح البلادبسيفه فأذلها لبني أبان الغابر يعني الباقي.
وقال أبو ذؤيب:
وغبرت بعدهم بعيش ناصب وإدخال أني لاحق مستتبع " * (فأمطرنا عليهم مطرا) *) يعني حجارة من سجيل " * (فانطر كيف كان عاقبة المجرمين) *) وسنذكر القصة بتمامها في موضعها إن شاء الله.
وروى أبو اليمان بن الحكم بن نافع الحمصي عن صفوان بن عمر قال: كتب عبد الملك ابن مروان إلى ابن حبيب قاضي حمص سأله كم (عقوبة) اللوطي فكتب أن عليه أن يرمى بالحجارة كما رجم قوم لوط فإن الله تعالى قال: " * (وأمطرنا عليهم مطرا) *) وقال: " * (وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) *) فقبل عبد الملك ذلك منه وأستحسنه.