وفي الآية دليل أن الإنسان إذا عمل خيرا ينبغي أن يدعو الله بالقبول ويقال ينبغي أن يكون خوف الإنسان على قبول العمل بعد الفراغ أشد من شغله لأن الله تعالى قال * (إنما يتقبل الله من المتقين) * المائدة 27 وروي في الخبر أن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لما فرغا من البناء جثيا على الركب وتضرعا وسألا القبول فقال جبريل لإبراهيم قد أجيب لك فاسأل شيئا آخر قالا * (ربنا واجعلنا مسلمين لك) * يعني مخلصين لك ويقال واجعلنا مثبتين على الإسلام ويقال مطيعين لك ويقال وأمتنا على الإسلام ثم قال * (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) * يعني اجعل بعض ذريتنا من يخلص لك ويثبت على الإسلام ثم قال * (وأرنا مناسكنا) * يعني علمنا أمور مناسكنا وقال القتبي الرؤية المعاينة في اللغة كقوله عز وجل * (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) * الزمر 60 وقوله تعالى * (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما) * الإنسان 20 ويقال يذكر الرؤية ويراد بها العلم كقوله تعالى " ألم تر الذين كفروا " وكقوله تعالى * (أرنا مناسكنا) * أي عملنا وكقوله * (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * قرأ ابن كثير ومن تابعه من أهل مكة * (وأرنا) * بسكون الراء في جميع القرآن والباقون بكسر الراء وهما لغتان والكسر أظهر وأفصح وقال ابن عباس في رواية أبي صالح * (ربنا واجعلنا مسلمين لك) * يعني مطيعين وموحدين لك واجعل * (من ذريتنا) * جماعة موحدة مطيعة لك ويقال أشكل عليهما موضع البيت فبعث الله تعالى سحابة فقالت له ابن بخيالي فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت بخيال السحابة ثم قال تعالى * (وأرنا مناسكنا) * أي * (وتب) * يعني تجاوز عنا الزلة * (إنك أنت التواب) * المتجاوز * (الرحيم) * بعبادك ثم قال * (ربنا وابعث فيهم رسولا) * قال مقاتل لأن إبراهيم علم أن في ذريته من يكون كفارا فسأل الله تعالى أن يبعث فيهم رسولا فقال * (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك) * يعني القرآن * (ويعلمهم الكتاب) * أي القرآن * (والحكمة) * يعني الموعظة التي في القرآن من الحلال والحرام ويقال علم التفسير * (ويزكيهم) * أي يطهرهم من الكفر والشرك ويقال يأمرهم بالزكاة لتطهر أموالهم قال مقاتل استجاب الله دعاءه في سورة الجمعة وهو قوله تعالى " هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم يتلوا عليهم ءايته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " الجمعة 2 وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أنا دعوة إبراهيم وبشرى عيسى يعني قوله * (ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) * الصف 6 وقوله عز وجل * (إنك أنت العزيز الحكيم) * المنيع الذي لا يغلبه شيء ويقال
(١٢٠)